Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 76-76)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قََوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } ؛ قال أكثرُ المفسِّرين : كان قارونُ ابنَ عمِّ موسَى من بني إسرائيلَ ، وكان مِن العلماءِ بالتَّوراةِ . وقال بعضُهم كان ابنَ خَالَتِهِ . وقولهُ تعالى { فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } أي بكَثْرَةِ مالهِ ، والمعنى : أنه تَطَاوَلَ على موسَى وقومه وجاوزَ الحدَّ في التَّكَبُّرِ عليهم . والبَغْيُ في اللغة : طَلَبُ الْعُلُوِّ بغيرِ حَقٍّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ } أي أعطيناهُ من الأموالِ الْمَجموعَةِ ما إنَّ مَفَاتِحَهُ ، قال ابنُ عبَّاس : ( أرَادَ بالْمَفَاتِحِ الْخَزَائِنَ ، كَانَتْ خَزَائِنُهُ لِتَثْقَلُ بالْجَمَاعَةِ ذوي الْقُوَّةِ إذا حَمَلُوهَا ) . قال بعضُهم : هو جمعُ مِفْتَاحٍ ؛ وهو ما يُفْتَحُ به البابُ ، وهذا قولُ قتادةَ ومجاهد . وَقِيْلَ : مفاتحُ جمع مِفْتَحٍ بكسرِ الميم وهي المفتاحُ ، فجمعهُ مفاتيحُ . قال خَيَثَمَةُ : ( كَانَتْ مَفَاتِيْحُ قَارُونَ مِنْ جُلُودٍ ، كُلُّ مِفْتَاحٍ مِثْلُ الإصْبَعِ ، مِفْتَاحُ كُلِّ خِزَانَةٍ عَلَى حِدَةٍ ، فَإذا رَكِبَ حَمَلَ الْمَفَاتِيحَ عَلَى سِتِّيْنَ بَغْلاً ) . وقال ابنُ عبَّاس : ( كَانَ يَحْمِلُ مَفَاتِيْحَهُ أرْبَعُونَ رَجُلاً أقْوَى مَا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ ) . ومعنى قولهِ تعالى { لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ } وإنَّما العُصْبَةُ تَنُوءُ بالمفاتيحِ ؛ أي يثقُلُ في حَملِها ، قِيْلَ : هذا شائعٌ في الكلامِ كما يقالُ : عَرَضَتِ الناقةُ على الحوضِ ، وإنَّما يعرضُ الحوض عليها ، ولا تعرضُ الناقةُ على الماءِ . والكَنْزُ في اللُّغة : اسمٌ لِلمَالِ الذي يُجْمَعُ بعضهُ على بعضٍ ، وإذا أُطْلِقُ أُريدَ به ما يُخَبَّأُ تحتَ الأرضِ . وقال خَيْثَمَةُ : ( وَجَدْتُ فِي الإنْجِيْلِ : أنَّ مَفَاتِيْحَ خَزَائِنِ قًارُونَ وقرُ سِتِّينَ بَغْلاً غُرّاً مُحَجَّلَةً ) . وَقِيْلَ : إنَّها كانت من جُلودِ الإبلِ ، وكانت من حديدٍ ، فلما ثَقُلَتْ عليه جُعلَتْ من خَشَبٍ ، فلما ثَقُلَتْ عليه جُعلت من جُلودٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ } ؛ قال له قومهُ مِن المؤمنين من بني إسرائيل : لا تَفْرَحْ بالكُنُوزِ والمالِ ولا تَأْشَرْ ولا تَبْطَرْ ، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } ؛ أي الأَشِرِيْنَ البَطِرِيْنَ الذين لا يشكُرونَ اللهَ على ما أعطاهم . والفَرَحُ إذا أُطْلِقَ أُريدَ الْمَزْحُ الذي يخرجُ إلى البَطَرِ ، ولذلكَ قالَ : { لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } ، وقال { إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } [ هود : 10 ] ، وأما قولهُ { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [ آل عمران : 170 ] فهو بهدايَةِ النَّفسِ وهو حسنٌ جميل ، قال الشاعرُ :