Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 8-8)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ } ؛ نزلت هذه الآيةُ في سعدِ بن أبي وقَّاص ، وكان بارّاً بأُمه ، فلما أسْلَمَ قَالَتْ لَهُ أُمُّهُ حُمْنَةُ بنتُ أبي سُفيانَ بنِ أُميَّة : يَا سَعْدَ ؛ بَلَغَنِي أنَّكَ قَدْ صَبَأْتَ ! فَوَاللهِ لاَ يُظِلُّنِي سَقْفُ بَيْتٍ ، وَإنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تَكْفُرَ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ . فَأَبَى سَعْدٌ عَلَيْهَا ، وَبَقِيَتْ هِيَ لاَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلاَ تَسْتَظِلُّ بشَيْءٍ ، فَمَكَثَتْ يَوْماً وَلَيْلَةً لاَ تَأْكُلُ ، فَأَصْبَحَتْ قَدْ جَهِدَتْ ثُمَّ مَكَثَتْ يَوْماً وَلَيْلَةً أُخْرَى لاَ تَأْكُلُ وَقَالَتْ : يَا سَعْدَ لَتَدَعَنَّ دِيْنِكَ هَذِهِ أوْ لاَ آكُلَ وَلاَ أشْرَبَ حَتَّى أمُوتَ فَتُعَيَّرُ بي ، فَيُقَالُ : يَا قَاتِلَ أُمِّهِ ! فَقَالَ سَعْدٌ : يَا أُمَّاهُ لَوْ كَانَتْ لَكِ مِائَةُ نَفْسٍ فَخَرَجَتْ نَفْساً نَفْساً مَا تَرَكْتُ دِيْنِي هَذا لِشَيْءٍ ، فَإنْ شِئْتِ أنْ تَأْكُلِي ، وَإنْ شِئْتِ فَلاَ تَأْكُلِي . فَلَمَّا رَأتْ ذلِكَ أكَلَتْ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ . ومعناها : ووصَّينا الإنسانَ بالبرِّ والإحسانِ إلى وَالِدَيهِ وقُلنا له : وإنْ طَلَبَا منكَ أن تُشْرِكَ بي ما ليسَ لك بهِ عِلْمٌ فلا تُطِعْهُمَا ، فإنَّ طاعتَهما في الإشْرَاكِ والمعصيةِ " ليس " من باب الحسن ، بل هي قبيحةٌ . قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ " . وقولهُ تعالى : { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } ؛ مُنْقَلَبُكُمْ في الآخرةِ ، { فَأُنَبِّئُكُم } ؛ فأُخبرُكم ، { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ؛ في الدُّنيا من الخيرِ والشرِّ والبرِّ والعُقوقِ . واختلفَ النُّحاةُ في نصب قولهِ { حُسْناً } ، فقال البصرِيُّون : بنَزْعِ الخافضِ ؛ تقديرهُ : ووصَّينا الإنسانَ بالْحُسْنِ ، كما يقالُ : وَصِّيهِ خَيْراً ؛ أي بخَيْرٍ ، وقال الكوفِيُّون : ووصَّينا الإنسانَ أن يفعلَ حُسناً ، فحذفَهُ لدلالةِ الكلام عليه . وَقِيْلَ : هو مثلُ قولهِ { فَطَفِقَ مَسْحاً } [ ص : 33 ] أي يمَسْحُ مَسْحاً . وَقِيْلَ : معناهُ : ألْزَمْنَاهُ حُسناً . وقرأ أبو رجَاءٍ : ( حَسَناً ) بفتح الحاء والسين ، وفي مُصحَفِ أُبَيٍّ : ( إحْسَاناً ) .