Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 200-200)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ؛ أي { ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } أي اصبروا على أداءِ الفرائضِ ، واجتناب الْمَحَارمِ ، وصَابرُوا أعداءَكم في الجهادِ في مقاتَلَتِهم ، ورَابطُوا خُيُولَكُمْ على الجهادِ . والرِّبَاطُ وَالْمُرَابَطَةُ : أن يَرْبُطَ كلُّ واحدٍ من الفريقين خُيُولَهُمْ في الثَّغْرِ . وقيل : الْمُرَابَطَةُ : الْمَحُافَظَةُ على الصلواتِ . قال أبُو هريرةَ رضي الله عنه : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " " أَلاَ أخْبرُكُمْ بمَا يَمْحُو اللهُ بهِ الْخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بهِ الدَّرَجَاتِ ؟ " قَالُواْ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قال : " إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارهِ ؛ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إلَى الْمَسَاجِدِ ؛ وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ " " . وقال الضحَّاك : ( مَعْنَى الآيَةِ : يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبُروا عَلَى أمْرِ اللهِ ) . وقال الكلبيُّ : ( اصْبرُواْ عَلَى الْبَلاَءِ ) ، وقالتِ الحكماءُ : الصَّبْرُ ثَلاَثَةُ أشْيَاءٍ : تَرْكُ الشَّكْوَى ؛ وَصِدْقُ الرِّضَا ؛ وَقَبُولُ الْقَضَاءِ . وقيل : الصَّبْرُ : هو الثَّبَاتُ على أحكامِ الكتاب والسُّنة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَصَابِرُواْ } الْكُفَّارَ { وَرَابطُواْ } بمعنى دَاومُوا وأثْبُتُوا . قَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ رَابَطَ يَوْماً فِي سَبيْلِ اللهِ كَانَ كَصِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، وَمَنْ تُوُفِّيَ فِي سَبيْلِ اللهِ أجْرَى اللهُ لَهُ أجْرَهُ حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّار ، وَمَنْ رَابَطَ يَوْماً فِي سَبيْلِ اللهِ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّار سَبْعَةَ خَنَادِقَ ؛ كُلُّ خَنْدَقٍ مِنْهَا كَسَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَسَبْعِ أرْضِيْنَ " قال بعضُهم في هذه الآيةِ { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ } عِنْدَ قِيَامِ النَّفِيْرِ عَلَى احْتِمَالِ الْكُرَب ، { وَصَابِرُواْ } عَلَى مُقَاسَاةِ الْعَنَاءِ وَالْتَّعَب ، { وَرَابِطُواْ } فِي دَار أعْدَائِي بلاَ هَرَبٍ ، واتقوا عدوَّكم من الألتفاتِ الى السَّبب لكي تُفْلِحُوا غداً بلقائي عند بسَاطٍ القُرَب . وقال السري السقطي : ( اصْبرُواْ عَلَى الدُّنْيَا رَجَاءَ السَّلاَمَةِ ، وَصَابرُواْ عِنْدَ القِتَالِ بالثَّبَاتِ وَالاسْتِقَامَةِ ، وَرَابطُوا هَوَى النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ، وَاتَّقُوا مَا يَعْقِبُ لَكُمُ النَّدَامَةَ ، { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ؛ غَداً على بسَاطِ الكرامةِ . وقيل : معناهُ : اصبروا على بلائِي ، وَصَابرُوا بالشُّكر على نَعْمَائِي ، ورَابطُوا في دار أعدائي ، واتَّقوا مَحَبَّةَ مَن سِوَايَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بلقائِي . وقيل : اصْبرُوا على البغضاءِ ؛ وصابرُوا على البَأْسَاءِ والضرَّاء ؛ ورابطوا في دار الأعداءِ ؛ واتَّقُوا إلَهَ الأَرضِ والسَّماء ؛ لَعَلَّكُمْ تفلحون في دار البقاءِ . وعن جعفرِ الصَّادق قالَ : ( مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ : اصْبرُوا عَلَى الْمَعَاصِي ؛ وَصَابرُوا مَعَ الطَّاعَاتِ ؛ وَرَابطُوا الأَرْوَاحَ بالْمَسَاجِدِ ، وَاتَّقُوا اللهَ لِكَي تَبْلُغُوا مَوَاقِفَ أهْلَ الصِّدْقِ ؛ فَإنَّهَا مَحَلُّ الْفَلاَحِ ) . واللهُ أعْلَمُ .