Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 23-23)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } . قالَ الكلبيُّ : " وَذلِكَ أنَّ رَجُلاً وَامْرَأةً مِنْ أشْرَافِ أهْلِ خَيْبَرَ مِنَ الْيَهُودِ فَجَرَا وَكَانَ فِي كِتَابهِمْ الرَّجْمُ ؛ فَكَرِهُواْ رَجْمَهُمَا لِشَرَفِهِمَا وَرَجَواْ أنْ يَكُونَ لَهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُخْصَةٌ فِي أمْرِهِمَا فِي الرَّجْمِ فَيَأْخُذُوا بهِ . فَرُفِعَ أمْرُهُمَا إلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَكَمَ عَلَيْهِمَا بالرَّجْمِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : جُرْتَ عَلَيْنَا يَا مُحَمَّدُ ! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ التَّوْرَاةُ ، فَمَنْ أعْرَفُكُمْ بهَا " قَالُواْ : ابْنُ صُوريَّا ، فَأَرْسَلُواْ إلَيْهِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " أنْتَ ابْنُ صُوريَّا ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : " أنْتَ أعْلَمُ الْيَهُودِ ؟ " قَالَ : كَذلِكَ يَزْعُمُونَ . فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً مِنَ التَّوْرَاةِ فِيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ - دَلَّهُ عَلَى ذلِكَ ابْنُ سَلاَمٍ - فَقَالَ لابْنِ صُوريَّا : إقْرَأ ؛ فَلَمَّا أتَى عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَيْهَا ؛ ثُمَّ قَامَ ابْنُ سَلاَمٍ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ قَدْ جَاوَزَهَا وَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ سَلاَمٍ فَرَفَعَ كَفَّهُ عَنْهَا ، وَقَرَأ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ إذا زَنَيَا وَقَامَتْ عَلَيْهِمَا الْبَيِّنَةُ ؛ فَيُسْأَلُ عَنِ الْبَيِّنَةِ ، فَإنْ كَانُوا عُدُولاً رَجَمَ ، وَإنْ كَانَتِ الْمَرْأةُ حُبْلَى يُتَرَبَّصُ بهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا ) . فَأَمَرَ بهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم برَجْمِهِمَا فَرُجِمَا ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ لِذَلِكَ غَضَباً شَدِيْداً وَرَجَعُواْ كُفَّاراً " فذلك قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ } معناهُ : ألَمْ تعلَمْ يا مُحَمَّدُ بالذينَ أعْطُوا حَظاًّ من التوراةِ . وقَوْلُهُ : { يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ } قال ابنُ عبَّاس : ( هُوَ التَّوْرَاةُ دُعِيَ إلَيْهَا الْيَهُودُ فَأَبَواْ لِعِلْمِهِمْ بلُزُومِ الْحُجَّةِ ، وَأنَّ فِيْهِ الْبشَارَةَ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ) . وقال الحسنُ وقتادة : ( أرَادَ بهِ الْقُرْآنَ ، فَإنَّهُمْ دُعُوا إلَى الْقُرْآنِ لِمُوَافَقَتِهِ التَّوْرَاةَ فِي أصُولِ الدِّيَانَةِ ) . وعن الضحَّاك في هذهِ الآية : ( أنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الْقُرْآنَ حَكَماً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَحَكَمَ الْقُرْآنُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بأنَّهُمْ عَلَى غَيْرِ الْهُدَى فَأَعْرَضُوا ) . وقال قتادةُ : ( هُمُ الْيَهُودُ دُعُوا إلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ وَاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ؛ فَأَعْرَضُواْ وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي كُتُبهِمْ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } أي يُعْرِضُ ؛ جمعٌ كُثْرٌ منهم من الدَّاعي وهم مُعْرِضُونَ عن العمل بالمدعوِّ إليه ، وقيلَ : معناهُ : ثُمَّ يَتَولَّى فَرِيْقٌ مِنْهُمْ بعد عِلمهم أنَّها في التوراةِ ، وإنَّما ذكرَ الإعراضَ بعد التولِّي ؛ لأن الإنسانَ قد يُعْرِضُ عن الدَّاعي ويتأمَّلُ ما دَعَاهُ إليه فينكرُ أنه حقٌّ أو باطل ، وهم لَمْ يتأمَّلوا ولم يتفكَّروا فيما دعوا إليه .