Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 37-38)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً } ؛ أي استجابَ اللهُ دعاءَ ( حِنَّةَ ) ، وقَبِلَ نَذْرَهَا ، وجعل مريَم صوَّامةً وقوَّامةً ، ربَّاها اللهُ تربيةً حسنة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا } ؛ أي ضمَّها للقيامِ بأمرِها ، قال صلى الله عليه وسلم : " أنَا وَكَافِلُ الْيَتِيْمِ كَهَاتَيْنِ ، وَأشَارَ بإصْبَعَيْهِ " وكان عِمرانُ قد ماتَ و ( حِنَّةُ ) حاملةٌ بمريَمَ . قرأ الحسنُ ومجاهد وابنُ كثير وشيبةُ ونافع وعاصمُ وأبو بكرٍ وابنُ عامر : ( وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا ) مخفَّفاً ، وزَكَرِيَّا في موضعِ رفعٍ ؛ أي ضمَّها إلى نفسهِ ، وتصديقُ هذه القراءةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } [ آل عمران : 44 ] . وروي عن ابنِ كثير : ( وَكَفِلَهَا زَكَرِيَّا ) بكسر الفاءِ ؛ أي ضمَّها ، وقرأ الباقون : ( وَكَفَّلَهَا ) بالتشديدِ وزَكَرِيَّا بالنصب ؛ أي ضمَّها اللهُ زكريَّا فضمَّها إليه بالقُرعةِ ، وفي مُصحف أبَيِّ : ( وَأكْفَلَهَا ) بالألفِ . وكان زكريَّا وعِمران تزوَّجا أختين ؛ فكانت إشياعُ بنتُ فاقودَ أختَ حِنَّةَ عندَ زكريَّا ، وكانت حِنَّةُ بنتُ فاقُودَ أمُّ مريَم عند عِمران . قال المفسِّرون : فلما وضعَت حنَّةُ مريَمَ لفَّتْها في خِرْقَةٍ وحَمَلَتْهَا إلى المسجدِ فوضعَتها عند الأحبار أبنَاء هارون عليه السلام وهم يومئذ يَلُونَ من بيتِ المقدِسِ مَا يلي الْحَجَبَةُ من الكعبة ، فقالَت لَهُم : دُونَكُمْ هذه النَّذِيْرَةِ ؛ فَتنافَسَ فيها الأحبارُ لأنَّها كانت بنتَ إمامِهم ، فقال لَهم زكريَّا عليه السلام : أنَا أحقُّ بها لأنَّ خالَتَها عندِي ، فقالت لهُ الأحبارُ : لا تفعل ؛ فإنَّها لو تُركت لأحَقِّ الناسِ بها لتُركت لأُمِّها ، ولكنَّا نُقْرِعُ عليها فتكونُ عند مَن خرجَ سهمُه . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } ؛ أي عندَما رأى زكريَّا أمرَ اللهِ في مريَم طَمِعَ أنَّ الذي يأتِي مريَم بالفاكهةِ في الشِّتاء يُصْلِحُ له عُقْرَ زوجتهِ ، فدعَا عند ذلكَ وقال : { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } أي وَلَداً صالِحاً ، والذُّرِّيَّةُ تكونُ واحداً وجَمعاً ؛ ذكراً أو أنثى ، وهو هَا هُنا واحدٌ ، ويدلُّ عليهِ قولُه : { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } [ مريم : 5 ] ولَم يقل أولِياءً ، وإنَّما أتت { طَيِّبَةً } لأنه على لفظِ ذُرية كما قالَ الشاعرُ : @ أبُوكَ خَلِيْفَةٌ وَلَدَتْهُ أخْرَى وَأنْتَ خَلِيْفَةٌ ذاكَ الْكَمَالِ @@ فأنَّث ( وَلَدَتْهُ ) لتأنيثِ الخليفة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } أي سامِعُ الدعاءِ ومُجيِّبُهُ ، وقولُهم : ( سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ) أي أجابَ ، وأنشدَ :