Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 52-52)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } ؛ أي لَمَّا وجدَ عيسى ، وقيل : لَمَّا عَلِمَ منهم الكفرَ والقصدَ إلى قتلِه ؛ { قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } ؛ أي مَن أعْوَانِي معَ اللهِ ، وقيل : معناهُ : مَن أنصَاري إلى سبيلِ اللهِ ، وقيل : مَن أنصاري للهِ ، { قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } ؛ أي قال المُخْلِصُونَ في النُّصرةِ والتَّصديقِ : نَحْنُ أعوانُ دِيْنِ اللهِ معكَ ؛ { آمَنَّا بِٱللَّهِ } ؛ أي صَدَّقْنَا بتوحيدِ الله ؛ { وَٱشْهَدْ } ؛ يَا عيسى ؛ { بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } ؛ والإحساسُ هو العلم من خَلجَاتِهم . واختلفَ المفسَِّرونَ في الحواريِّين ، قال بعضُهم : هم المخلصونَ الخواصُّ كما قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " الزُّبَيرُ ابْنُ عَمَّتِي وَحَواريِّي مِنْ أُمَّتي " أي هو مِنْ أمَّتِي ، وكان الحواريونَ لعيسى اثْنَى عشرَ رَجُلاً مِن أصحابهِ ، مكانَ العشرةِ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، سُمُّوا الحواريينَ مِن الْحَوَر وَهُوَ الْخُلُوصُ . يقالُ : عَيْنٌ حَوراءُ إذا اشْتَدَّ بَيَاضُ بَيَاضِهَا وَقَلُصَ ؛ وَاشْتَدَّ سَوَادُ سَوَادِهَا وَخَلُصَ ، ومنهُ وفيهِ يقال : دَقِيْقٌ حَوَاريٌّ للَّذِي لم يبق منه إلاَّ لُبَابُهُ . وقال بعضُهم : سُمُّوا حواريين من الْحَوَار وهو البياضُ ، إلاَّ أنَّهم اختلفُوا في بياضهم . قيلَ : كانوا قصَّاريْنَ يُبَيِّضُونَ الثيابَ فمرَّ بهم عيسى عليه السلام فقالَ : ألاَ أدُلُّكُمْ عَلَى تَطْهِيْرٍ أنْْفَعُ مِنْ هَذَا ؟ قالوا : نَعَمْ ، قالَ : تَعَالَواْ حَتَّى نُطَهِّرَ أنْفُسَنَا مِنَ الذُّنوب ، فَبَايَعُوهُ على ذلكَ . وقيل : كانوا بيْضَ الثياب ، وقيل : كانوا بيْضَ القلوب من الفسَاد . وقال بعضُهم : كانوا صَيَّادِيْنَ ، قال لَهم عيسى عليه السلام : ألاَ أدُلُّكم على اصطيادٍ أنفعُ مِن هذا ؟ قالوا : بَلَى ، قال : تعالَوا حتى نصطادَ أنفسَنا من شِرْكِ إبليسَ ؛ فبايَعُوه . كأنَّهم ذهبوا في هذا إلى اشتقاقهِ مِنَ الْحَوَر الذي هو الرُّجوع ، ومنه سُمِّي الْمِحْوَرُ لأنه راجعٌ إلى المكانِ الذي زالَ منه ، وقيل : لأنه بدورانهِ يَنْصَقِلُ حتى يَبْيَضَّ . والْمِحْوَرُ عودُ الْخَبَّاز ، وقيل : َ الْمِحْوَرُ الذي تدورُ عليه البَكْرَةُ ، وربَّما كان من حديدٍ . وأمّا ما رُوي في الحديثِ : " نَعُوذُ باللهِ مِنَ الْحَوَرِ بَعْدَ الْكَوْر " فمعناهُ : مِن الرجوعِ والخروج من الجماعَة بعدَ أنْ كُنَّا فيها ، يقال ، كَارَ عِمَامَتَهُ إذا لفَّها على رأسهِ ؛ وحَارَهَا : إذا نَقَضهَا . قال مُصْعَبُ : ( لَمَّا اتَّبَعَ الْحَوَاريُّونَ عِيْسَى عليه السلام وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً ، وَكَانُواْ إذا جَاعُواْ قَالُواْ : يَا رُوحَ اللهِ جُعْنَا ، فَيَضْرِبُ بيَدِهِ الأَرْضَ سَهْلاً كَانَ أوْ جَبَلاً ، فَيَخْرُجُ لِكُلِّ إنْسَانٍ رَغِيْفيْنِ فَيَأكُلُهُمَا . فَإذا عَطِشُوا قَالُواْ : يَا رُوحَ اللهِ عَطِشْنَا ، فَيَضْرِبُ بيَدِهِ الأَرْضَ فَيَخْرُجُ الْمَاءُ فَيَشْرَبُونَ ، قَالُواْ : يَا رُوحَ اللهِ ؛ مَنْ أفْضَلُ مِنَّا إذا شِئْنَا أَطْعِمْنَا وَإنْ شِئْنَا أسْقِيْنَا ، وَآمَنَّا بكَ وَاتَّبَعْنَاكَ ؟ قال : أفْضَلُ مِنْكُمْ مَنْ يَعْمَلُ بيدِهِ ، وَيَأَكُلُ مِنْ كَسْبهِ ، قَالَ : فَصَارُواْ يَغْسِلُونَ الثِّيَابَ بالْكَرْيِ ) . وقال ابنُ المبارك : ( سُمُّوا حَوَارِيِّيْنَ لأنَّهُ كَانَ يُرَى بَيْنَ أعْيُنِهِمْ أثَرُ الْعِبَادَةِ وَنُورُهَا وَحُسْنُهَا ) . قال النضرُ بن شُمَيل : ( الْحَوَاريُّ خَاصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي يَسْتَعِيْنُ بهِ فِيْمَا يَنُوبُهُ ) . وعن قتادةَ قال : ( الْحَوَاريُّ : الْوَزيْرُ ) .