Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 59-59)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } ؛ قال ابنُ عباس : " وَذلِكَ أنَّ وَفْدَ نَصَارَى نَجْرَانَ : أسَيْدُ وَالْعَاقِبُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِهِمْ جَاؤوا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " أسْلِمُوا " فَقَالُواْ : أسْلَمْنَا قَبْلَكَ ، فَقًَالَ صلى الله عليه وسلم : " يَمْنَعُكُمْ مِنَ الإسْلاَمِ ثَلاَثٌ : أكْلُكُمُ الْخِنْزِيْرَ ؛ وَعِبَادَتُكُمُ الصَّلِيْبَ ، وَقَوْلُكُمْ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدٌ " فَقَالُواْ لَهُ : مَا لَكَ تَشْتُمُ صَاحِبَنَا ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم : " وَمَا أقُولُ ؟ " قَالُوا : تَقُولُ إنَّهُ عَبْدُ اللهِ ، قَالَ : " أجَلْ ؛ هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ ألْقَاَهَا إلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ " فَغَضِبُواْ وَقَالُواْ : هَلْ رَأَيْتَ إنْسَاناً قَطّ مِنْ غَيْرِ أبٍ ؟ ! " فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } أي صفةُ خَلْقِ عيسى بلاَ أبٍ كصفةِ خلقِ آدمَ ، خلقَهُ من ترابٍ مِن غير أبٍ ولا أمٍّ ثُم قالَ لآدمَ : كُنْ ؛ فَكَانَ . وأرادَ اللهُ تعالى بهذه الآيةِ أنَّ كون الولدِ مِن غير أبٍ ليسَ بأعجبَ مِنْ كونِ الإنسانِ لغير أبٍ وأمٍّ ، وَقَد خلقَ اللهُ آدمَ من غير أبٍ وأمٍّ . وفي هذه الآيةِ دلالةٌ على صحَّة القياسِ ؛ لأنه لو لَم يَصِحْ القياسُ لم يكنِ اللهُ يجيبُ به ، وفيها دليلٌ على جواز قياسِ الشيء بالشَّيء من وجهٍ دون وجهٍ ؛ لأن اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّما شَبَّهَ عيسى بآدمَ في كونهِ من غيرِ أبٍ ؛ لا في كَونه من غير أمٍّ ؛ ولا في خَلْقِهِ من التُّراب . فإنْ قيل : َ هَلاَّ قالَ اللهُ تعالى : ( كُنْ فَكَانَ ) فإنَّ آدمَ قد انقضَى كونُه وقد أخبرَ عنهُ بالمستقبلِ ؟ قيل : إنَّ الفعلََ الماضي منقطعٌ والمضارعَ متَّصلٌ ؛ وذلك يقالُ : يروى عن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنهُ فَعَلَ كذا فكان فعل كُن لأنه لا يقتضِي التَّكرار ، وما رويَ أنه كَانَ يَفْعَلُ كذا فإنهُ على التِّكرار دونَ الانقطاعِ . ثُمَّ فِعْلُ الله يُبنى على الْمُهْلَةِ ويَحْدُثُ على التَّدريج ، ألا ترَى أنه خَلَقَ السماوات والأرضَ في ستَّة أيامٍ ، وكذلك بَدَتِ الحياةُ في آدمَ على التدريجِ ، وكذلك أمرُ عيسى على التدريجِ كان يبدأ شيئاً فشيئاً ؛ فأخبرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عن ذلكَ بفعلٍ دائم .