Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 63-64)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ } ؛ أي إنْ أعرضُوا عمَّا أتيتَ به من البيانِ ؛ فإنَّ اللهَ عالِمٌ بالمفسدينَ الذين يعبدون غيرَ اللهِ ويدعُون الناسَ إلى عبادةِ غيرِ الله يُجازيهم على ذلكَ . ثم دعاهُم اللهُ إلى التوحيدِ فقالَ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } ؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ : يَا أهْلَ الْكِتَاب هَلُمُّوا إلى كَلِمَةِ عَدْلٍ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ . وفي { سَوَآءٍ } ثلاثُ لغات : سَواءً وسِوى وسُوَا ، ولا يُمَدُّ فيها إلاَّ المفتوحُ ، قال اللهُ تعالى : { مَكَاناً سُوًى } [ طه : 58 ] . ثم فسَّرَ الكلمةَ فقال تعالى : { ألاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ } أحداً مِن المخلوقينَ ، وموضع ( أنْ ) رفع على إضمار ( هي ) . وقيلَ : موضُعها نُصب بنَزعِ الخافضِ ، وقيل : موضعها خُفِضَ بدلاً من الكلمةِ ؛ أي تَعالُوا إلى أنْ لاَ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ؛ أي نرجِعُ إلى معبودِنا وهو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لا شريكَ لهُ ؛ وأنَّ عيسى بَشَرٌ كما أنَّنا بَشَرٌ فلا تتخذُوه رَبّاً ، وسَمَّى اللهُ هذه الثلاثةَ الألفاظ كَلِمَةً لأنَّ معناها : نَرْجِعُ إلَى وَاحِدٍ ، وهي كلمةُ العدلِ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ . قال بعضُ المفسِّرين : ولا يتَّخذَ بعضُنا بعضاً أربَاباً من دونِ الله كما فعلَتِ اليهودُ والنَّصارى ؛ فإنَّهم اتَّخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دونِ اللهِ ؛ أي أطاعُوهم في معصيةِ الله . قال عكرمةُ : ( هُوَ سُجُودُ بَعضِهِمْ لِبَعْضٍ ) ، وقيل : معناهُ : لا نطيعُ أحداً في المعاصِي ، وفي الخبرِ : " مَنْ أطَاعَ مَخْلُوقاً فِي مَعْصِيَةِ اللهِ فَكَأنَّمَا سَجَدَ سَجْدَةً لِغَيْرِ اللهِ " قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } ؛ أي فإن أبَوا التوحيدَ فقولوا اشهدُوا بأنَّا مُقِرُّونَ بالتوحيدِ مُسْلِمُونَ لِما أتانَا به الأنبياءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ من اللهِ تعالى .