Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 7-7)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } ، قال ابنُ عبَّاس : ( مَعْنَاهُ : هُوَ الَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ مِنْهُ آيَاتٌ وَاضِحَاتٌ مُبيِّنَاتٌ لِلْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ هُنَّ أصْلُ الْكِتَاب الَّذِي أنْزِلَ عَلََيْكَ يُعْمَلُ عَلَيْهِ فِي الأَحْكَامِ ، وَهُنَّ أمٌّ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيْلِ وَالزَّبُور وَكُلِّ كِتَابٍ ) نحوُ قولهِ تعالى : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [ الأنعام : 151 ] . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } أي ومنهُ آياتٌ أُخَرُ اشتبهَت على اليهودِ مثلُ { الۤمۤ } و { الۤمۤصۤ } . وقيلَ : يشبهُ بعضُها بعضاً . واختلفوا في الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابهِ ، فقال قتادةُ والربيع والضحَّاك والسديُّ : ( الْمُحْكَمُ هُوَ النَّاسِخُ الَّذِي يُعْمَلُ بهِ ، وَالْمُتَشَابهُ هُوَ الْمَنْسُوخُ الَّذِي يُؤْمَنُ بهِ وَلاَ يُعْمَلُ بهِ ) . وعن ابنُ عباس قال : ( مُحْكَمَاتُ الْقُرْآنِ : نَاسِخُهُ ، وَحَلاَلُهُ ؛ وَحَرَامُهُ ، وَحُدُودُهُ ؛ وَفَرَائِضُهُ ؛ وَأَوَامِرُهُ ، وَالْمُتَشَابهَاتُ : مَنْسُوخُهُ ، وَمُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ ، وَأَمْثَالُهُ وَأقْسَامُهُ ) . وقال مجاهدُ وعكرمة : ( الْمُحْكَمُ : مَا فِيْهِ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ ، وَمَا سِوَى ذلِكَ مُتَشَابهٌ ) ، وقال بعضُهم : الْمُحْكَمُ هو الذي لا يحتملُ من التأويلِ إلاّ وَجْهاً وَاحِداً ، وَالْمُتَشَابهُ مَا احْتَمَلَ وُجُوهاً . وقال ابنُ زيد : ( الْمُحْكَمُ مَا ذكَرَهُ اللهُ مِنْ قِصَصِ الأَنْبيَاءِ مِثْلَ نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَإبْرَاهِيْمَ وَلُوطٍ وَشُعَيْبَ وَمُوسَى عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ، وَالْمُتَشَابهُ هُوَ مَا اخْتَلَفَ فِيْهِ الأَلْفَاظُ مِنْ قِصَصِهِمْ عِنْدَ التِّكْرَار كَمَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ قِصَّةِ نُوحٍ { قُلْنَا ٱحْمِلْ } [ هود : 40 ] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ { فَٱسْلُكْ } [ المؤمنون : 27 ] ، وَقَالَ تَعَالَى فِي الْعَصَا : { فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } [ طه : 20 ] ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ { فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 107 ] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 13 ] ونحو { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ المرسلات : 15 ] وَنَحْوِ ذلِكَ ) . وقال بعضُهم : الْمُحْكَمُ ما عرفَ العلماءُ تأويلَه وفهموا معانيه ، وَالْمُتَشَابهُ ما ليسَ لأحدٍ إلى علمهِ سبيلٌ مما استأثرَ الله بعلمه ، نحوُ : خروجِ الدجَّال ؛ ونزولِ عيسى ؛ وطلوع الشمس من مغربها ؛ وقيامِ الساعة ؛ وفناء الدنيا ونحوِها . وقال ابنُ كيسان : ( الْمُحْكَمَاتُ حُجَجُهَا وَاضِحَةٌ ؛ وَدَلاَئِلُهَا وَاضِحَةٌ ؛ لاَ حَاجَةَ لِمَنْ سَمِعَهَا إلَى طَلَب مَعْنَاهَا ، وَالْمُتَشَابهُ هُوَ الَّذِي يُدْرَكُ عِلْمُهُ بالنَّظَرِ ، وَلاَ تَعْرِفُ الْعَوَامُّ تَفْصِيْلَ الْحَقِّ فِيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ ) . وقال بعضُهم : الْمُحْكَمُ ما اجْتُمِعَ على تأويلهِ ، والمتشابهُ ما ليس فيه بيانٌ قاطع . وقال محمدُ بن الفضلِ : ( هُوَ سُورَةُ الإخْلاَصِ لأنَّهُ لَيْسَ فِيْهَا إلاَّ التَّوْحِيْدُ فَقَطْ ، وَالْمُتَشَابهُ نَحْوُ قَوْلِهِ { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } [ طه : 5 ] وَنَحْوُ قَوْلِهِ { خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] ، وَنَحْوُ ذلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى تَأَويْلِهَا فِي الإبَانَةِ عَنْهَا ) . ويقال : الْمُحْكَمُ : نحوُ قولهِ تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } [ ق : 38 ] والمتشابهُ : نحوُ قوله : { خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } [ فصلت : 9 ] ثُمَّ قالَ { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } [ فصلت : 10 ] ثُم قال : { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ } [ فصلت : 12 ] فظَنَّ مَن لا معرفةَ له أن العددَ ثَمانية أيامٍ ولم يعلم أنَّ اليومين الأوَّلين داخلان في الأربعةِ التي ذَكرَها اللهُ من بعد . وقال الزجَّاج : ( الْمُحْكَمُ مَا اعْتَرَفَ بهِ أهْلُ الشِّرْكِ مِمَّا أخْبَرَ اللهُ بهِ مِنْ إنْشَاءِ الْخَلْقِ ؛ وَجَعْلِهِ مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حيٍّ ؛ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنَ الثَّمَارِ وَسَخَّرَ لَهُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالرِّيَاحِ . وَالْمُتَشَابهُ : مَا تَشَابَهَ عَلَيْهِمْ مِنْ أمْرِ الْبَعْثِ ) . وَقَدْ سَمى اللهُ جُمْلَةَ القرآن مُحكماً ؛ فقالَ : { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } [ هود : 1 ] فوصفهُ بالإحكامِ ، وسَماه كله متشابهاً في آيةٍ أخرى ، فقالَ : { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً } [ الزمر : 23 ] أي يشبهُ بعضُه بعضاً في الْحُسن والتصديق . قوله عَزَّ وَجَلَّ : { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّه } ؛ معناهُ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهِمْ } مَيْلٌ عن الحقِّ والهدى وهم اليهود فَيَتَّبعُونَ مَا اشتبهَ عليهم من أمرِ الحروف المقطَّعة ، يحسبون ذلك بحساب الْجُمَلِ { ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ } ؛ أي طلبَ الكُفْرِ والشِّرك ، { وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } في طلب تفسير منتهَى ما كتبَ اللهُ لأمَّة مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم من المدَّة ليرجع الْمُلْكُ إلى اليهودِ ، { وَمَا يَعْلَمُ } تفسيرَ ما كتبَ الله لهذه الأمّة { إِلاَّ ٱللَّه } . وقال الربيعُ : ( " إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَصَارَى نَجْرَانَ لَمَّا حَاجُّواْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسِيْحِ ؛ فَقَالُواْ : ألَيْسَ هُوَ كَلِمَةُ اللهِ وَرُوحٌ مِنْهُ ؟ قَالَ : " بَلَى " قَالُواْ : حَسَناً " ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . وقال ابنُ جريج : ( الَّذين فِي قُلُوبهِمْ زَيْغٌ ؛ أيْ شَكٌّ وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ ) . وقال الحسنُ : ( هُمُ الْخَوَارجُ ) ، وقال بعضُهم : جميعُ المبتَدِعة ، أعاذنا اللهُ من البدعةِ . ومعنى الآية : أن النصارى صَرفوا كلمة الله إلى ما يقولون من قدم عيسى مع الله عَزَّ وَجَلَّ ، وصرفوا قوله { وَرُوحٌ مِّنْهُ } [ النساء : 171 ] إلى أنه جزءٌ منه كروحِ الإنسانِ ، وإنَّما أراد الله تعالى بقوله { وَكَلِمَتُه } [ النساء : 171 ] أنَّ الله تعالى إنَّما صيَّره بكلمةٍ منه وهي قولهُ { كُنْ } [ البقرة : 117 ] فكان ، وسَماهُ روحَهُ لأنه خلقَهُ من غيرِ أبٍ ، بل أمرَ جبريلَ فنفخَ في جيب مريَم عَلَيْهَا السَّلاَمُ ؛ فهو روحٌ من الله أضافَهُُ إلى نَفسهِ تشريفاً له ، كبيتِ الله وأرضِ الله . وقيل : سَمَّاهُ روحاً ؛ لأنهُ كان يُحيي الموتى ، كما سَمَّى القرآنَ روحاً من حيث إن فيه حياةُ الناس في أمرِ دينهم ، قالَ اللهُ تعالى { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] فصرفَ أهلُ الزيغِ قولَه تعالى { وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } [ النساء : 171 ] إلى مذاهبهم الفاسدةِ طلبَ الكفرِ والضَّلال ، ولم يَرُدُّوا هذا اللفظَ الذي اشتبه عليهم وشبَّهوه على أنفسهم إلى الآيةِ الْمُحْكَمَةِ ؛ وهو قوله عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] فعلى هذا يكونُ : { وَمَا يَعلَمُ تَأْويلَهُ إلاَّ اللهُ } أي ما يعلمُ تأويلَ جميعِ المتشابه حتى يستوعب علمَ المتشابهات إلاّ اللهُ . واختلفَ أهلُ العلم في معنى هذه الآيةِ ، فقالَ قومٌ ( الواو ) في قولهِ تعالى : { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } ، واو العطفِ ، يعني أن تأويلَ المتشابهِ يعلمهُ الله ويعلمهُ الراسخونَ في العلمِ ، وهم مع عِلْمِهِمْ : { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } ؛ والمعنى والثابتونَ في العلم يعلمونَ تأويلَ ما نَصَبَ اللهُ لَهم الدلالة عليه إلى المتشابه وبعلمهم يقولونَ : ربَّنا آمنَّا به ، فروي عنِ أبنِ عبَّاس : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إلاَّ الله والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } يَعْلَمُونَهُ قَائِلِيْنَ : آمَنَّا بهِ ) . ومنهُم من جعلَ تَمام الكلامِ عند قولهِ { إلاَّ اللهُ } . وفي قراءةِ ابنِ مسعود آمَنَّا ( يَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بهِ ) وهو مرويٌّ أيضاً عنِ ابن عبَّاس . ولا يبعدُ أن يكونَ للقرآنِ تأويلٌ ليستأثرَ اللهُ بعلمه دون خلقِه ؛ لأنَّا لا نعلمُ مرادَ الله وحكمته في جميعِ أوامره ونواهيه ؛ غيرَ أنه ألْزَمَنَا العملَ بما أنزلَهُ ولم يطالبْنا بما لا سبيلَ لنا إلى معرفتهِ ، ولم يُخْفِ عنَّا علم ما غابَ عنَّا ، مثل قيامِ الساعة وغيرِ ذلك إلاَّ لِما فيه من المصلحةِ لنا وما هو خيرٌ لنا في دينِنا ودُنيانا ، وما عُلِّمْنَاهُ فلم يعلِّمناهُ إلاَّ لمصلحتنا ونفعنا فنعرفَ بصحَّة جميع ما أنزلَ الله ؛ والتصديق بذلك كله ما علمنا منه وما لم نعلم . وكان ابن عباس يقولُ : ( أنَا مِنَ الرَّاسِخِيْنَ فِي الْعِلْمِ ) . وقرأ مجاهدُ هذه الآيةَ ؛ فقال : ( أنَا مِمَّنْ يَعْلَمُ تَأَويْلَهُ ) . وروى عكرمةُ عنِ ابن عبَّاس ؛ قالَ : ( كُلُّ الْقُرْآنِ أعْلَمُ تَأَويْلَهُ إلاَّ أرْبَعاً ( غِسْلِيْنَ ) وَ ( حَنَاناً ) وَ ( الأَوَّاُه ) وَ ( الرَّقِيْمُ ) ) . وهذا إنَّما قالَهُ ابنُ عباس في وقتٍ ثم عَلِمَها بعد ذلك وفسَّرها . وممن اختار تَمام الكلام عند قوله { إلاَّ اللهُ } واستئنافُ الكلام بقوله { وَٱلرَّاسِخُونَ } : عائشةُ وعروة بنُ الزبير ورواية طاووسٍ عن ابن عباس كذلكَ أيضاً ؛ واختارهُ الكسائيُّ والفرَّاء ومحمدُ بن جرير ؛ وقالوا : ( إنَّ الرَّاسِخِيْنَ لاَ يَعْلَمُونَ تَأَويْلَهُ ، وَلَكِنَّهُمْ يُؤمِنُونَ بهِ ) . والآيةُ راجعةٌ على هذا التأويل إلى العلمِ بمدَّة أجلِ هذه الأمة ؛ ووقتِ قيام السَّاعة وفنَاء الدُّنيا ؛ ووقتِ طُلوع الشمس من مغربها ؛ ونزولِ عيسى ؛ وخُروج الدجَّال ويَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ؛ وعلم الرُّوح ونحوُها مما استأثرَ اللهُ بعلمه ولمْ يُطْلِعْ عليه أحداً من خَلْقِهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } أُخَرُ جمع أُخْرَى ، ولم ينصرف لأنَّه معدولٌ عن أُخَرٍ مثل عُمَرَ وَزُفَرَ ، وقَوْلُهُ تَعَالَى : { والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } قال بعضُهم : هُم علماءُ أهلِ الكتاب الذين آمنوا منهم ؛ مثلُ عبدِالله بن سلام وأصحابه ، ودليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ } [ النساء : 162 ] يعني الدَّارسين علمَ التوراة . وعن أبي أُمامة قال : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ؟ فَقَالَ : " مَن بَرَّ فِي يَمِيْنِهِ ؛ وَصَدَقَ لِسَانُهُ ؛ وَاسْتَقَامَ قَلْبُهُ ؛ وَعَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ ؛ فَذِلكَ الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ " . وسُئل أنس بنُ مالكٍ عن تفسيرِ الراسخين في العلم مَنْ هُمْ ؟ فقالَ : ( الرَّاسِخُ : هُوَ الْعَالِمُ الْعَامِلُ بمَا عَلِمَ الْمُتَّبعُ ) . وقيل الراسخونَ في العلم : المتواضِعون لله ، المتذلِّلون في طلب مَرْضَاتِهِ ، لا يتعاظَمون على مَن فوقهم ولا يحتقِرون مَن دونَهم . وقال بعضُهم : الراسخُ في العلم مَن وُجِدَ فِي عمله أربعةُ أشياء : التقوى بينَهُ وبينَ اللهِ ، والتواضعُ بينه وبين الخلْقِِ ، والزهدُ بينه وبين الدُّنيا ، والمجاهدةُ بينه وبينَ نفسهِ .