Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 34-34)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } ؛ نزلت هذهِ الآيةُ في الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ ، أتََى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إنَّ أرْضَنَا أجْدَبَتْ ، فَمَتَى الْغَيْثُ ؟ وَقَدْ تَرَكْتُ امْرَأتِي حُبْلَى ، فَمَاذَا تَلِدُ ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ بأَيِّ أرْضٍ وُلِدْتُ - أيْ عَلِمْتُ أيْنَ وُلِدْتُ - فَبأَيِّ أرْضٍ أمُوتُ ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا عَمِلْتُ الْيَوْمَ ، فَمَا أعْمَلُ غَداً ؟ وَمَتَى السَّاعَةُ ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ . وقال صلى الله عليه وسلم : " مَفَاتِيحُ الْغَيْب خَمْسَةٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إلاَّ اللهُ ، لاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إلاَّ اللهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إلاَّ اللهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا كَسْبُهُ فِي غَدٍ إلاَّ اللهُ ، وَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ بأَيِّ أرْضٍ تَمُوتُ إلاَّ اللهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَنْزِلُ الْغَيْثُ إلاَّ اللهُ " . يقالُ : إنَّ هذه الخمسة الأشياءٍ التي ذَكَرَها اللهُ في هذه الآيةِ هي مفاتيحُ الغَيْب لا يعلمُها إلاَّ اللهُ ، استأثَرَ اللهُ بهِنَّ ، فلم يُطْلِعْ عليهِنَّ مَلَكاً مُقرَّباً ولا نَبيّاً مُرسَلاً . ومعنى الآيةِ : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ } قيامِ { ٱلسَّاعَةِ } ، فلا يدري أحدٌ سواهُ متى تقومُ ، في أيِّ سَنةٍ أو في أيِّ شهرٍ ، ليلاً أو نَهاراً . وقوله { وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ } معناهُ : هو المختصُّ بإنزالِ الغيثِ ، وهو العالِمُ بوقتِ إنزالهِ ، ( ويَعْلَمُ مَا فِي الأَرْضِ ) أي لا يعلمُ أحدٌ ما في الأرحامِ أذكرٌ أم أُنثَى ، أحمرٌ أم أسودٌ ، وإنَّما يعلمهُ الله عَزَّ وَجَلَّ نطفةً وعلقة ومُضغةً ، وذكراً أم أُنثى ، وشقِيّاً وسَعيداً ، ومتى ينفصلُ عن أُمِّهِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً } يعنِي : ماذا تكسبُ من الخيرِ والشرِّ ، أي مَا تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً خَيراً أو شرّاً ، { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } أي في بَرٍّ أو بحرٍ أو سَهلٍ أو جبلٍ . قال ابنُ عبَّاس : ( هَذِهِ الْخَمْسَةُ لاَ يَعْلَمُهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبيٌّ مُرْسَلٌ مُصْطَفَى ، فَمَنِ ادَّعَى أنَّهُ يَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ فَقَدْ كَفَرَ بالْقُرْآنِ لأنَّهُ خَالَفَهُ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ } ؛ أي عَلِيمٌ بخَلقهِ ، خَبيْرٌ بأعمالِهم وبما يصيبُهم في مستقبلِ عُمرِهم . وروي أن يهودياً كان في المدينة يحسب حساب النجوم ، فقال اليهوديُّ لابن عباس : إن شئت أنبأتك عن ولدك وعن نفسك ، إنك ترجع الى منزلك فتلقى إبناً لك محموماً ، ولا يمكث عشرة أيام حتى يموت الولد ، وأنت لا تخرج من الدنيا حتى تعمى ، فقال ابن عباس : وأنت يا يهودي ، قال : لا يحول عليَّ الحول حتى أموت ؟ قال : فأين موتك يا يهودي ؟ قال ما أدري ، قال ابن عباس : صدق الله { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } قال فرجع ابن عباس فلقي إبناً له محموماً ، فلما بلغ عشراً مات الصبي ، ويقال عن اليهودي " أنه ماتَ قبل الحول " ، وما خرج ابن عباس من الدنيا حتى كُفَّ بصره .