Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 6-6)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالى : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } ؛ نزلت هذه الآيةُ وما بعدَها في النَّضرِ بن الحارثِ ، كان اشترَى كُتباً فيها أخبارُ الأعاجمِ ، ويحدِّثُ بها أهلَ مكَّة ، ويتمَلَّقُ بها في المجالسِ ، ويقولُ : إنَّ مُحَمَّداً يحدِّثُكم أحاديثَ عادٍ وثَمودَ ، وأنا أُحدِّثُكم أحاديثَ فارس والروم ، وأقرأُ عليكم كما مُحَمَّدٌ يقرأ عليكم أساطيرَ الأوَّلين هو يأتِيكم بكتابٍ فيه قصصُ الأممِ الماضيةِ ، وأنا أتيتُ بمثلهِ ! وكانوا يستَمْلِحُون حديثَهُ ، وكان إذا سَمِعَ شيئاً من القُرْآنِ يهزأُ به ويُعرِضُ عنهُ . فذلكَ قولهُ : { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } ؛ أي ليصرِفَ الناسَ عن دِين الله بلا علمٍ ، ومن قرأ ( لِيَضِلَّ ) بفتحِ الياء ، فمعناهُ : ليتَشَاغَلَ بما يُلهِيهِ ، وليصير أمرهُ إلى الضَّلال والباطلِ . ومعنى قولهِ تعالى { لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } أي باطلُ الحديثِ ، هذا قولُ الكلبيِّ ومقاتل ، وَقِيِْلَ : المرادُ بلَهْوِ الحديثِ الغناءُ ، وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لاَ يَحِلُّ تَعْلِيْمُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلاَ بَيْعُهُنَّ وَلاَ شِرَاؤُهُنَّ ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ ؛ مَا رَفَعَ رَجُلٌ قًطُّ عَقِيْرَتَهُ يَتَغَنَّى إلاَّ ارْتَدَفَهُ شَيْطَانَانِ يَضْرِبَانِ بأَرْجُلِهِمَا عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرهِ حَتَّى يَسْكُتَ " ، وهذا قولُ سعيدِ بن جُبير ومجاهد وابنِ مسعودٍ ، قالوا : ( هُوَ وَاللهِ الْغِنَاءُ ، وَاشْتِرَاءُ الْمُغَنِّيَةِ وَالْمُغَنِّي بالْمَالِ ) . وقال صلى الله عليه وسلم : " " مَنْ مَلأَ مَسَامِعَهُ مِنْ غِنَاءٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أنْ يَسْمَعَ أصْوَاتَ الرُّوحَانِيِّيْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قِيْلَ : وَمَا الرُّوحَانِيُّونَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " أهْلُ الْجَنَّةِ " " ، وعن إبراهيمَ النخعيِّ أنه قالَ : ( الْغِنَاءُ يُنْبتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْب ) وقال مكحولُ : ( مَنِ اشْتَرَى جَاريَةً ضَرَّابَةً لِيُمْسِكَهَا لِغِنَائِهَا وَضَرْبها مُقِيْماً عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي أنه جاهلٌ فيما يفعلُ ، لا يفعلهُ عن عِلْمٍ ، { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً } بالرفعِ عطفاً على { مَن يَشْتَرِي } ، وبالنصب عَطفاً على { لِيُضِلَّ } ، والكتابةُ المذكورة تعودُ إمَّا إلى الآياتِ المذكورةِ في أوَّل السورةِ ، وإما إلى ( سَبيْلِ اللهِ ) ، والسبيلُ يُؤَنَّثُ لقولهِ { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ } [ يوسف : 108 ] .