Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 35-35)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } ؛ الآيةُ ، قال قتادةُ : ( لَمَّا ذكَرَ اللهُ أزْوَاجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ نِسَاءٌ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ عَلَيْهِنَّ ؛ فَقُلْنَ : ذُكْرِتُنَّ وَلَمْ نُذْكَرْ ! فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . وقال مقاتلُ : " لَمَّا رَجَعَتْ أسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ مِنَ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا جَعْفَرِ بْنِ أبي طَالِبٍ ، دَخَلَتْ عَلَى نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَتْ : هَلْ نَزَلَ فِيْنَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ ؟ قُلْنَ : لاَ . فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ النِّسَاءَ لَفِي خَيْبَةٍ وَخَسَارَةٍ ! قَالَ : " وَمِمَّ ذلِكَ ؟ " قَالَتْ : لأَنَّهُنَّ لاَ يُذْكَرْنَ بخَيْرٍ كَمَا يُذْكَرُ الرِّجَالُ . فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيةِ " . وقال مقاتلُ : ( قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بنْتُ أبي أُمَيَّةَ وَنُسَيْبَةُ بنْتُ كَعْبٍ الأَنْصَاريَّةُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : مَا بَالُ ربنَا يَذْكُرُ الرِّجَالَ وَلاَ يَذْكُرُ النِّسَاءَ فِي شَيْءٍ مِنْ كِتَابهِ ، فَعَسَى أنْ لاَ يَكُونَ فِيْهِنَّ خَيْرٌ ، وَلاَ للهِ فِيْهِنَّ حَاجَةٌ . فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . وَقِيْلَ : إنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَ : ( يَا رَسُولَ اللهِ ! ذكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّجَالَ فِي الْقُرْآنِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ النِّسَاءَ بخَيْرٍ ، فَمَا فِيْنَا خَيْرٌ نُذْكَرُ بهِ ، إنَّا نَخَافُ أنْ لاَ يَتَقَبَّلَ مِنَّا طَاعَةً ) . فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ . وَاعْلَمْ : أنَّ الرجالَ والنساء يُجَازَوْنَ بأعمالِهم الصالحة مغفرةً لذِنوبهم وأجْراً عظيماً . ومعنى الآيةِ : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } يعني الْمُخْلِصِيْنَ بالتَّوحيدِ والمخلِصاتِ { وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي المصدِّقِين بالتوحيدِ والْمُصَدِّقَاتِ . والإسلامُ في اللغةِ : هو الانْقِيَادُ وَالاسْتِسْلاَمُ . والإيْمَانُ في اللغة : هو التَّصْدِيْقُ ، غيرَ أنَّ معنى الإسلامِ والإيمان في هذه الآية واحدٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ } ؛ أي الْمُطِيعِينَ للهَ في أوامرهِ ونواهيه والْمُطِيْعَاتِ . والقَانِتُ : هو الْمُوَاظِبُ على الطاعةِ ، والقُنُوتُ : طُولُ القيامِ في الصَّلواتِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ } ؛ يعني الصَّادِقينَ في إيْمانِهم والصَّادِقاتِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ } ؛ الصَّابرُ : هو الذي يَحْبسُ نفسَهُ عن جميعِ ما يجبُ الصَّبرُ عنهُ ، ويصبرُ على جميعِ ما يجبُ الصبر عليهِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ } ؛ يعني بالْمُتَصَدِّقِيْنَ الذين يُؤدُّونَ ما عليهم مِن الصَّدقة المفروضةِ . ويقالُ : أرادَ به جميعَ الصَّدقاتِ . وأما الخاشِعُ : فهو الْمُتَوَاضِعُ للهِ تعالى وللناسِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ } ؛ يعني الصَّائمين صومَ الفرضِ بنيَِّةٍ صادقةٍ ، ولكن فِطْرُهُمْ على حَلالٍ . قال ابنُ عبَّاس : ( مَنْ صَامَ شَهْرََ رَمَضَانَ وَثَلاَثَةَ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الْغُرِّ الْبيْضِ ، كَانَ مِنْ أهْلِ هَذِهِ الآيَةِ ، وَيُؤْتُوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بمَائِدَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ ، يَأْكُلُونَ مِنْهَا وَالنَّاسُ فِي شِدَّةٍ ، وَيُظِلُّهُمُ اللهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ وَالنَّاسُ فِي شِدَّةٍ ، وَيَنْفَحُ مِنْ أفْوَاهِهِمْ ريْحُ الْمِسْكِ ) . وقوله تعالى : { وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ } ؛ أي عمَّا لا يحلُّ ، وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ } ؛ قِيْلَ : أرادَ به الذِّكْرَ في الصَّلواتِ الخمسِ . وَقِيْلَ : أرادَ به الذِّكْرَ باللِّسانِ والقلب في جميعِ الأحوال . قال ابنُ عبَّاس : ( يُرِيْدُ فِي أدْبَار الصَّلَوَاتِ غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَفِي الْمَضَاجِعِ ، وَكُلَّمَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ ، وَكُلَّمَا غَدَا وَرَاحَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذكَرَ اللهَ ) . وقال مجاهدُ : ( لاَ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الذاكِرِيْنَ كَثِيْراً حَتَّى يَذْكُرَ اللهَ قَائِماً وَقَاعِداً وَمُضْطَجِعاً ) . وعن أبي هريرةَ ؛ قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَأيْقَظَ امْرَأتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، كُتِبَا مِنَ الذاكِرِيْنَ اللهَ كَثِيْراً وَالذاكِرَاتِ " وقَوْلُهُ تَعَالَى : { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } ؛ وهو الجنَّةُ .