Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 23-23)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } ؛ قرأ ابنُ عامرٍ ويعقوب : ( فَزَّعَ ) بفتح الفاء والزاي ، وقرأ غيرُهما بضمِّ الفاءِ وكسرِ الزاي . والمعنى : حتى إذا كُشِفَ الفزعُ والجزَعُ عن قلوبهم . ومَن قرأ بالفتحِ فالمعنى : حتَّى إذا كَشَفَ اللهُ الفزعَ عن قلوبهم . واختلَفُوا في هذه الكتابةِ والموصُوفِين بهذه الصِّفةِ ، مَن هم ؟ ومَن النَّصَب الذي مِن أجلهِ فَزَّعَ عن قلوبهم ؟ فقال قومٌ : همُ الملائكةُ . واختلَفُوا في سبب ذلك ، فقال بعضُهم : إنَّما فَزَّعَ عن قلوبهم مِن غَشْيَةٍ تصيبُهم عند سَماعِ كلامِ الله عَزَّ وَجَلَّ . قال عبدُالله بنُ مسعودٍ : ( إذا تَكَلَّمَ اللهُ تَعَالَى بالْوَحْيِ ، سَمِعَ أهْلُ السَّمَاءِ صَلْصَلَةً مِثْلَ صَلْصَلَةِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ ، فِيُصْعَقُونَ لِذلِكَ وَيَخُرُّونَ سُجَّداً ، فَإذا عَلِمُوا أنَّهُ وَحْيٌ فَزَّعَ عَنْ قُلُوبهِمْ فَتُرَدُّ إلَيهِمْ ، فَيُنَادِي أهْلُ السَّمَاواتِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً : ( ماذا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبيرُ ) . وعن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : " إنَّ اللهَ تَعَالَى إذا تَكَلَّمَ بالْوَحْيِ ، سَمِعَ أهْلُ السَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا ، فيُصْعَقُونَ فَلاَ يَزَالُونَ كَذلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيْلُ ، فَيَقُولُونَ لَهُ : مَاذا قَالَ رَبُّكَ ؟ قَالَ : يَقُولُ الْحَقَّ " . وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إذا قَضَى اللهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ، ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بأَجْنِحَتِهَا خُضُوعاً لِقَوْلِهِ ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ ، فَإذا فَزَّعَ عَنْ قُلُوبهِمْ ، قَالُواْ : مَاذا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُواْ : الْحَقَّ " . وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا تَكَلَّمَ اللهُ بالْوَحْيِ ، أخَذتِ السَّمَاوَاتُ مِنْهُ رَجْفَةً أوْ رَعْدَةً شَدِيْدَةً خَوْفاً مِنَ اللهِ تَعَالَى ، فَإذا سَمِعَ ذلِكَ أهْلُ السَّمََاوَاتِ صُعِقُواْ وَخَرُّواْ سُجَّداً ، فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ رَفَعَ رَأسَهُ جِبْرِيْلُ عليه السلام ، فَيُكَلِّمُهُ اللهُ مِنْ وَحْيهِ بمَا أرَادَ ، ثُمَّ يَمُرُّ جِبْرِيْلُ بالْمَلاَئِكَةِ ، فَكُلَّمَا مَرَّ بسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلاَئِكَتُهَا : مَاذا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيْلُ ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيْلُ : قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبيْرُ ، فَيَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيْلُ ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيْلُ بالْوَحْيِ حَيْثُ أمَرَ اللهُ " . وقال مقاتلُ والكلبيُّ : ( لَمَّا كَانَتِ الْفَتْرَةُ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ عَاماً ، فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم كَلَّمَ اللهُ تَعَالَى جِبْرِيْلَ بالرِّسَالَةِ إلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، فَسَمِعَتِ الْمَلاَئِكَةُ الصَّوْتَ بالْوَحْيِ ، فَظَنُّواْ أنَّهَا الْقِيَامَةُ قَامَتْ ، فَصُعِقُواْ مِمَّا سَمِعُواْ ، فَلَمَّا انْحَدَرَ جِبْرِيْلُ بالرِّسَالَةِ ، جَعَلَ أهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ يَسْأَلُونَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَرُّفِ بَعْدَ مَا انْكَشَفَ الْفَزَعُ عَنْ قُلُوبهِمْ ، قَالُواْ : مَاذا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ جِبْرِيْلُ وَمَنْ مَعَهُ : قَالَ الْحَقَّ ) . وَقِيْلَ : لَمَّا سَمعَتِ الملائكةُ الوحيَ صُعِقُوا فَخَرُّوا سُجَّداً ظَانِّينَ أنَّها القيامةُ ، فلما نَزَلَ جبريلُ بالوحيِ انكشَفَ فزَعُهم فرَفَعُوا رُؤوسَهم ، وقال بعضُهم لبعضٍ : ( مَاذا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُواْ الْحَقَّ ) يعنِي الوحيَ { وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } أي الغالبُ القاهر السيِّدُ المطاعُ الكبيرُ العظيم ، فلا شيءَ أعظمَ منهُ . وقرأ الحسنُ ( حَتَّى إذا فَزِعَ عَنْ قُلُوبهِمْ ) بالعَينِ المعجمةِ والزَّاي بمعنى فَزِعَتْ قلوبُهم من الفزَعِ ، وذهبَ بعضُ المفسِّرين إلى أنَّ قولَهُ { حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } راجعٌ إلى المشرِكينَ ، فإنَّهم إذا شاهَدُوا أهوالَ يومِ القيامةِ غَشِيَ عليهم ، فيُزِيلُ اللهُ ذلك عن قلوبهم ، ثُم تقولُ لَهم الملائكةُ : مَاذا قَالَ رَبُّكُمْ في الدُّنيا والآخرةِ ؟ فيقولونَ : الْحَقَّ ، فأَقَرُّوا حين لا ينفعُهم الإقرارُ .