Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ؛ أي خالِقُهما ، مُبتَدِئاً من غيرِ مثالٍ سبقَ ، قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( مَا كُنْتُ أعْرِفُ مَا مَعْنَى فَاطِرِ حَتَّى اخْتَصَمَ إلَيَّ أعْرَابيَّانِ فِي بئْرٍ ، فَقَالَ أحَدُهُمَا : أنَا فَطَرْتُهَا ؛ أيْ بَدَأتُهَا ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } ؛ قال بعضُهم : أرادَ به بالملائكةَ كلَّهم ، فإنَّهم كلُّهم رسُلُ اللهِ بعضُهم إلى بعضٍ وبعضُهم إلى الإنسِ ، وقالَ بعضُهم : أرادَ بذلك جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ وملَكُ الموتِ والحفَظَةَ ، يرسلُهم إلى النبيِّين وإلى ما شاءَ من الأُمور . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ } ؛ صفةُ الملائكةِ أي ذوي أجنحةٍ ، { مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } ، منهم مَن له جَناحَان ، ومنهم مَن له ثلاثةٌ ، ومنهم من له أربعةٌ ، اختارَهم الله تعالى لرِسالَتهِ من حيث عَلِمَ أنَّهم لا يُبدِّلون . وقولهُ تعالى : { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } ؛ أي يزيدُ في أجنحةِ الملائكة ما يشاءُ ، فمِنهُم من له مائةُ ألفِ جَناحٍ ، ومنهم من له أكثرُ ، وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ قال : " رَأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ " . وعن ابنِ شِهَابٍ قال : " سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَتَرَاءَى لَهُ فِي صُورَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : إنَّكَ لَنْ تُطِيقَ ذلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : " إنِّي أُحِبُّ أنْ تَفْعَلَ " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْمُصَلَّى فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فِي صُورَتِهِ ، فَغَشِيَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ ، ثُمَّ أفَاقَ وَجِبْرِيلُ مُسْنِدُهُ إلَيْهِ وَاضِعٌ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى صَدْرهِ وَالأُخْرَى بَيْنَ كَتِفَيْهِ . فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " سُبْحَانَ اللهِ مَا كُنْتُ أرَى شَيْئاً مِنَ الْخَلْقِ هَكَذا " فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام : كَيْفَ لَوْ رَأيْتَ إسْرَافِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ ! لَهُ اثْنَا عَشَرَ جَنَاحاً ، جَنَاحٌ بالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ بالْمَغْرِب وَالْعَرْشُ عَلَى كَاهِلِهِ " . وعن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قالَ : ( إنَّ للهِ تَعَالَى مَلَكاً يَسَعُ الْبحَارَ كُلَّهَا فِي نَقْرَةِ إبْهَامِهِ ) . وَقِيْلَ : معنى قولهِ { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } يعني حُسنَ الصَّوتِ ، كذلك قال الزهريُّ ، وقال قتادةُ : ( هِيَ الْمَلاَحَةُ فِي الْعَيْنَيْنِ وَالشَّعْرِ الْحَسَنِ وَالْوَجْهِ الْحَسَنِ وَالْخَطِّ الْحَسَنِ ) . وقولهُ تعالى { وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } في موضعِ خفضٍ ؛ لأنه لا يتصرَّفُ . وقولهُ تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ؛ أي قادرٌ على ما يزيدُ على الزيادةِ والنُّقصانِ .