Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 139-142)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } ؛ أي هربَ من قومهِ إلى السفينةِ المملوءَةِ بالناسِ والدواب ، وإنما هربَ لأن الله كان أوعدَهم بالعذاب إنْ لم يؤمِنُوا فلم يؤمنوا ، وعلِمَ أنَّ العذابَ نازلٌ بهم ، فخرجَ من بينِهم من غيرِ أن يأمرَهُ اللهُ تعالى بالخروجِ ، فكان ذلك ديناً منه وكان قصدهُ حين خرجَ منهم للمبالغةِ في تحذيرِهم وإنذارهم ، فكان بذهابهِ كالفارِّ من مولاهُ ، فوُصِفَ بالأبَاقِ . وقولهُ تعالى : { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } ؛ وذلكَ أنه لَمَّا رَكِبَ السفينةَ ، وقفَتِ السفينةُ ولم تَسِرْ بأهلِها ، فقالَ الملاَّحون : ها هُنا عبدٌ آبقٌ من سيِّدهِ ، وهذا رسمُ السفينة إذا كان فيها عبدٌ آبقٌ لا تجرِي ، واقترَعُوا فوقعتِ القُرعَةُ على يونسَ فقال : أنا الآبقُ ، { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ } . قال سعيدُ بن جبير : ( لَمَّا اسْتَهَمُوا جَاءَ حُوتٌ إلَى السَّفِينَةِ فَاغِراً فَاهُ يَنْتَظِرُ أمْرَ رَبهِ ، كَأَنَّهُ يَطْلُبُ وَاحِداً مِنْ أهْلِهَا ، فَقَالَ يُونُسُ : يَا أهْلَ السَّفِينَةِ أنَا الْمَطْلُوبُ مِنْ بَيْنِكُمْ ، فَقَالُواْ : أنْتَ أكْرَمُ عَلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ أنْ يَبْتَلِِيكَ بمِثْلِ هَذِهِ الْبَلِيَّةِ ، فَقَالَ لَهُمْ : اقْتَرِعُوا فَمَنْ خَرَجَتِ الْْقُرْعَةُ عَلَى اسْمِهِ أُلْقِيَ إلَى الْحُوتِ ، وَكَانَ يَعْلَمُ أنَّ الْقُرْعَةَ تَخْرُجُ عَلَيْهِ ، إلاَّ أنَّهُ لَمْ يَبْدَأ بإلْقَاءِ نَفْسِهِ إلَى الْحُوتِ مَخَافَةَ أنْ تَلْحَقَهُ سِمَةُ الْجُنُونِ ، فَسَاهَمَ فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَيْهِ فَكَانَ مِنَ الْمَسْهُومِينَ ) . وَالْمُدْحَضُ في اللغة : هو المغلوبُ في الحجَّة ، وأصلهُ من دَحَضَ الرجلُ إذا نزلَ مِن مكانهِ ، فلما أُلقِيَ عليه السُّلَّمُ في البحرِ ابتلعَهُ الحوتُ ابتلاعَ اللُّقمَةِ . وقولهُ تعالى : { وَهُوَ مُلِيمٌ } ؛ أي أتَى بما يستحقُّ عليه اللّومَ ، والْمَلِيمُ : الآتِي بما يُلائِمُ على مثلهِ ، وسببُ استحقاقهِ اللَّومَ خروجهُ من بين قومهِ قبل ورُودِ الإذنِ عليه مِن اللهِ تعالى .