Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 145-147)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قولهُ تعالى : { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } ؛ اي ألْهَمنَا الحوتَ أن يطرحَهُ على فضاءٍ من الأرضِ ، والعَرَاءُ هو المكانُ الخالِي من الشَّجر والبناءِ ، قال مقاتلُ : ( مَعْنَى : { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ } يَعْنِي وَجْهَ الأَرْضِ وَهُوَ سَقِيمٌ قَدْ بَلِيَ لَحْمُهُ مِثْلَ الصَّبيِّ الْمَوْلُودِ ) ، قال ابنُ مسعودٍ : ( كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ ريشٌ ) . وَقِيْلَ : معنى { وَهُوَ سَقِيمٌ } أي وهو مَرِيضٌ ، وذلك لما أصابَهُ في بطنِ الحوت من الشدَّةِ والضَّغطَةِ والبُعدِ من الهواءِ والغذاء ، حتى ضعُفَ جسمهُ ورقَّ جلده ولم يبقَ ظُفْرٌ ولا شعرٌ كالولدِ أوَّلَ ما يخرجُ من بطنِ أُمِّه . فلما أُلقِيَ على وجهِ الأرض كان يتأذى بحرِّ الشمس ، فأنبتَ اللهُ تعالى عليه شجرةً من يَقْطِينٍ ، قال الكلبيُّ : ( هِيَ الْقَرْعُ ) ، وهي شجرةٌ الدُّبَّاءِ العربي ، وكلُّ شجرةٍ لا تقومُ على ساقٍ وتمتدُّ على وجهِ الأرضِ مثل القَرْعِ والبطِّيخ ونحوِها فهو يقطينٌ ، واشتقاقهُ من قَطَنَ من المكانِ إذا أقامَ به ، فهذا الشَّجرُ يكون ورقهُ وساقهُ على وجهِ الأرض ، فلذلك قِيْلَ : يَقْطِين ، ومن خصائصِ شجرةِ القَرْعِ أنَّها لا يقربُها ذبابٌ ، قالوا : فكان يستظلُّ بها من الشَّمسِ ، وسخَّرَ اللهُ له وَعْلَةً بُكرَةً وَعَشِيّاً تختلفُ إليه ، فكان يشربُ من لبَنِها حتى اشتدَّ لحمهُ ونبتَ شعرهُ . ثم أرسلَهُ اللهُ بعدَ ذلك وهو قولهُ : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } ؛ وقال الحسنُ : ( مَعْنَاهُ : بَلْ يَزِيدُونَ ) ، وقال الكلبيُّ : ( مَعْنَاهُ : وَيَزِيدُونَ ) ، وكان الذين أُرسِلَ إليهم أهلُ نِينَوَى ، كأنَّهُ أُرسِلَ قبلَ ما الْتَقَمَهُ الحوتُ إلى قومٍ ، وبعدَ ما نبذهُ الحوتُ إلى قومٍ آخَرين .