Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 5-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } ؛ أي قالُوا لفَرْطِ جَهلِهم على وجهِ الإنكار : أجعَلَ مُحَمَّدٌ الآلِهَةَ إلَهاً واحداً ؟ { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } ؛ أمَّا هذا الذي يقولُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم من ردِّ الحوائجِ إلى إلَهٍ واحدٍ ، إلاَّ شيء مُفْرِطٌ في العَجَب . والعُجَابُ : ما يكون في غايَةِ العَجَب ، يقالُ : رجلٌ طُوَالٌ ، وأمْرٌ كُبَارٌ ، وسيفٌ قُطَاعٌ ، وسَيلٌ جُحَافٌ ، ويرادُ بذلك كلَّ مبالغةٍ . " وذلك أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّاب لَمَّا أسلمَ شَقَّ على قُريشٍ ، فقال الوليدُ بن المغيرةِ للمَلأ مِن قريشٍ وهم الرُّؤساءُ والصَّناديدُ والأشرافُ ، وكانوا خَمسةً وعشرين رَجُلاً ، منهم الوليدُ بن المغيرة وهو أكبَرُهم سِنّاً ، وأبو جهلٍ ، وأُبَيُّ بن خلَفٍ ، وأبو البحتري بن هِشَام ، وعُتبة وشيبَةُ ابنَا ربيعةَ ، والعاصُ بن وائلٍ ، والنضِرُ بن الحارثِ ، ومَخرَمَةُ بن نوفلٍ ، وزمعَةُ بن الأسودِ ، والأحنَفُ بن شُريقٍ ، وغيرُهم . قال لَهم الوليدُ بن المغيرة : امْشُوا إلَى أبي طَالِبٍ وَقُولُواْ لَهُ : أنْتَ شَيْخُنَا وَكَبيرُنَا ، وَإنَّا أتَيْنَاكَ لِتَقْضِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أخِيْكَ . فَمَشُواْ إلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ ، فَشَكَواْ إلَيْهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ أخِي مَا تُرِيْدُ مِنْ قَوْمِكَ ؟ قَالَ : " أُريدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً إذا قَالُوهَا مَلَكُواْ الْعَرَبَ وَدَانَتْ لَهُمْ الْعَجَمُ " فَقَالُواْ : وَمَا هِيَ ؟ ! قَالَ : " قُولُواْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ " فَنَفَرُواْ مِنْ ذلِكَ ؛ وَقَالُواْ : أنَجْعَلُ آلِهَةً إلَهاً وَاحِداً ؟ ! " وَقِيْلَ : " إنَّ أبا طالبٍ لَمَّا دعَا النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ : با ابنَ أخِي ؛ هؤلاءِ قومُكَ يسألونكَ السَّواءَ ، فلا تَمِلْ كلَّ الميلِ عليهم ، فقال : " وَمَاذا يَسْأَلُونَنِي ؟ " قال : ترفضُ ذكرَ آلهِتهم ويدَعُونَكَ وإلَهَكَ ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " إنِّي أدْعُوهُمْ إلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ " قَالُوا : وما هي ؟ قَالَ : " لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ " " . فنَفَرُوا من ذلكَ ، وقال : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } ، فاغتاظوا مِن ذلكَ وخرَجُوا من عندِ أبي طالبٍ يقولُ بعضهم لبعضٍ : أمشُوا واصبروا على آلهتِكُم . فذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } ؛ أي انطلقَ مِن مجلسهم وهم يقولون الذي كانوا فيه عندَ أبي طالب ، وهم يقولون : اثبتُوا على عبادةِ آلهتِكُم واصبروا ، { أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ } ؛ على دِينكم ، { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } ؛ أي هذا الشيءُ يريده مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ولا يتمُّ له ذلكَ .