Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( قَدْ يَكُونُ { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } عَامّاً ؛ وَقَدْ يَكُونُ خَاصّاً لأَهْلِ مَكَّةَ ؛ وَهُوَ هَا هُنَا عَامٌّ لِجَمِيْعِ النَّاسِ ، وَمَعْنَاهُ : أجِيْبُواْ رَبَّكُمْ وأَطِيْعُوهُ ) . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } يعني آدمَ ، وإنَّمَا أتتِ النفسُ لاعتبار اللفظِ دونَ المعنى . قال الشاعرُ : @ أبُوكَ خَلِيْفَةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرَى وَأَنْتَ خَلِيْفَةٌ ذاكَ الْكَمَالُ @@ فقالَ : وَلَدَتْهُ أُخْرَى ؛ لأن لفظَ الخليفة مؤنَّث . وإنَّما مَنَّ الله علينا بأنْ خلقَنا من نفسٍ واحدة ؛ لأن ذلك أقربُ إلى أن يَعْطِفَ بعضٌ على بعضٍ ، ويَرْحَمَ بَعضُنا بعضاً لرجوعنا في القرابةِ إلى أصلٍ واحد . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي وخَلَقَ من نفسِ آدمَ زوجَها حَوَّاءَ ؛ خلَقَها من ضِلْعٍ من أضلاعه اليُسرى وهي القُصْرَى بعدَ ما ألْقِيَ عليه النومُ فلم يُؤْذِهِ ، ولو آذاهُ لَمَا عَطَفَ عليها أبداً . قال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أعْوَجٍ ، فَإنْ أرَدْتَ أنْ تُقِيْمَهَا كَسَرْتَهَا ، وَإنْ تَرَكْتَهَا وَفِيْهَا عِوَجٌ اسْتَمْتَعْتَ بهَا عَلَى عِوَجٍ " قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } ؛ أي بَشَراً وفِرَقاً ، وأظهرَ من آدمَ وحوَّاء خَلْقاً كثيراً من الرِّجال والنسَاء . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ } ؛ أي اتَّقُوا معاصيَ اللهِ ، { ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ } أي يتساءَلُ بعضُكم بعضاً من الجوارحِ والحقُوق ؛ يقولُ الرجل للرجُلِ : أسألُكَ باللهِ افْعَلْ لِي كذا . قرأ أهلُ الكوفة : ( تَسَاءَلُونَ ) مخفَّفاً ، وقرأ الباقون بالتشديدِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلأَرْحَامَ } قرأ عامَّة القُرَّاء بنصب ( الأَرْحَامَ ) على معنى : واتَّقُوا الأرحامَ أن تقطعُوها . وقرأ النخعيُّ وقتادةُ والأعمش وحمزة بالخفضِ على معنى : وبالأرحامِ على معنى : تساءَلُونَ باللهِ وبالأرحامِ ؛ فيقول الرجلُ : أسألُكَ باللهِ وبالرَّحِمِ . والقراءةُ الأُولى أفصحُ ؛ لأن العربَ لا تعطفُ بظاهرٍ على مُضْمَرٍ مخفوض إلاَّ بإعادةِ الخافض ، لا يقولونَ : مررتُ به وزيدٍ ، ويقولونَ : بهِ وبزيدٍ ، وقد جاءَ ذلك في الشِّعر ، قال الشاعرُ : @ قَدْ كُنْتَ مِنْ قَبْلُ تَهْجُونَا وتَشْتِمُنَا فَاذْهَبْ فَمَا بكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَب @@ قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ؛ أي حَفِيظاً لأعمالكم ، وَالرَّقِيْبُ هو الحافظُ ، وقال بعضُهم : عَلِيْمَاً ؛ والعَلِيْمُ والحافظُ متهاديان ؛ لأن العليمَ بالشيء حافظٌ له .