Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 3-3)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً } [ النساء : 10 ] الآيَةُ ، خَافَ النَّاسُ أنْ لاَ يَعْدِلُواْ فِي أمْوَالِ الْيَتَامَى - وَكَانُوا يَتَزَوَّجُونَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءُوا - فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ) . ومعناها : إنْ خِفْتُمْ أنْ لاَ تعدِلُوا في أموالِ اليتامَى ؛ فَخَافُوا في النِّساءِ إذا اجتمعنَ عندَكُم أن لا تعدلُوا بينهنَّ ، فَتَزَوَّجُوا ما حَلَّ لكم من النِّساءِ ، ولاَ تَنْكِحُوا إلاَّ ما يُمكنكم إمساكهُنَّ : ثِنْتَانِ ثِنْتَانِ ؛ وَثَلاَث ثلاث ؛ وأربع أربعِ ، ولا يزيدُوا على أربعِ حرائر . وقيل : معنى الآية : إنْ خِفْتُمْ أن لا تعدِلوا يا معشرَ الأولياءِ في اليتامَى إذا تزوجتُم بهِنَّ ؛ فانْكِحُوا ما حلَّ لكم من النساء غيرهنَّ . وقال مجاهدُ : ( مَعْنَاهُ : إنْ خِفْتُمْ فِي ولاَيَةِ الْيَتَامَى إيْمَاناً وتَصْدِيْقاً ؛ فَخَافُوا فِي الزِّنَا ، وَانْكِحُوا الطَّيِّبَ مِنَ النِّسَاءِ ) . وقال بعضُهم : كانوا يَتَحَرَّجُونَ عن أموالِ اليتامى ، ويترخَّصون في النساءِ ، ولا يعدلونَ فيهنَّ ويتزوجُون منهنَّ ما شاءُوا فربما عدلوا ، وربَّما لم يعدلوا ، فلما سألُوا عن أموالِ اليتامى ، أنزلَ اللهُ تعالى { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ } [ النساء : 2 ] ، وأنزلَ { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ } ، أي كما خِفْتُمْ أن لا تُقْسِطُوا في اليتامى وهَمَّكُمْ ذلكَ ؛ فخافُوا في النساءِ أن لا تعدلُوا فيهنَّ ؛ ولا تزوَّجوا أكثرَ مما يُمكنِكم إمساكهنَّ والقيامُ بحقِّهنَّ ؛ لأن النساءَ كاليتامَى في الضَّعْفِ والعَجْزِ ، فما لكم تُرَاقِبُونَ اللهَ في شيء ، وَتَعْصُونَهُ في مثلهِ ، وهذا قولُ سعيدِ بن جبير وقتادةَ والربيعِ والضحَّاك والسديِّ ، وروايةٌ ابنِ عبَّاس . والإقْسَاطُ في اللغة : الْعَدْلُ ، يقال : أقْسَطَ ؛ إذا عَدَلَ ، وَقَسَطَ ؛ إذا جَارَ ، وإنَّما قال : ( مَا طَابَ ) ولم يقل مَنْ طَابَ ؛ لأن ( ما ) مع الفعلِ بمنْزلة المصدر ، كأنهُ قالَ : فانكحُوا الطيِّبَ ، يعني الحلالَ من النساء . وقرأ ابن أبي عبلةَ : ( مَنْ طَابَ ) ؛ لأن ( ما ) لِما لا يعقلُ و ( من ) لمن يعقل ، إلاّ أنَّ عامَّة القُرَّاء والعلماءِ يقولون : إن العربَ تجعلُ ( ما ) بمعنى ( مِن ) ؛ و ( مِن ) بمعنى ( ما ) ، وقد جاءَ القُرْآنُ بذلكَ : قال اللهُ تعالى : { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } [ الشمس : 5 ] ، وقال تعالى : { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ } [ النور : 45 ] ، وقال تعالى : { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 23 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } بدل مِنْ ( طَابَ لَكُمْ ) وهو مما لا ينصرفُ ، لأن { مَثْنَىٰ } معدولٌ عن اثنين وذلكَ نكرةٌ ، و ( ثُلاَثَ ) معدولٌ عن ثلاثةٍ . وذهبَ بعض الرَّوَافِضِ إلى استحلالِ تِسْعِ استدلالاً بهذه الآية ، ولَيْسَ ذلِكَ بشَيْءٍ ، فإنَّ الواوَ هنا بمعنى ( أو ) ، " وروي عن قيسِ بن الْحَارثِ : أنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ ثَمَانِي نِسْوَةٍ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ أمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُمْسِكَ أرْبَعاً وَيُفَارقَ أرْبَعاً ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِغَيْلاَنَ حِيْنَ أسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ : " أمْسِكْ مِنْهُنَّ أرْبعاً ؛ وَفَارقْ سَائِرَهُنَّ " " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } ؛ معناهُ : وإن خِفْتُمْ أن لا تعدِلُوا في القِسْمَةِ والنَّفقةِ بين النساءِ الأربع التي أحلَّ اللهُ لكم ؛ فتزوَّجوا امرأةً واحدة لا تخافون الْمَيْلَ في أمرِها ، واقْتَصِرُوا على الإمَاءِ حتى لا تحتاجُوا إلى الْقَسْمِ بينهنَّ يعني السّرَاري . وقولُ الحسنِ وأبي جعفرَ : ( فَوَاحِدَةٌ ) بالرَّفعِ ؛ أي فَوَاحِدَةٌ كَافِيَةٌ ؛ أو فَلْتَكُنْ وَاحِدَةٌ . وقرأ العامَّة نصباً أي فَانْكِحُوا وَاحِدَةً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } ذَكَرَ الأَيْمَانِ توكيداً ؛ تقديرهُ : أوْ مَا مَلَكْتُمْ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } ؛ أي التَّزَوُّجُ بالواحدةِ ، والإقتصار على مِلْكِ اليمين أقربُ إلى أن لا تَعُولُوا . قال : أنْ لاَ تَجُورُوا وأن لا تَمِيلُوا : ألاَّ تَجُور . وَالْعَوَلُ : مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ، ومنهُ الْعَوَلُ في الفرائضِ : مُجَاوَزَةُ مَخْرَجِ الْفَرَائِضِ . رَوَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ تَعَالَى : { أَلاَّ تَعُولُواْ } قَالَ : " ألاََّ تَجُورُواْ ، أوْ أنْ لاَ تِمِيلُواْ " وأما مَن قال معنى : أنْ لاَ تَعُولُوا : لاَ تَكْثُرَ عِيَالُكَ ، وهذا محكيٌّ عن الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ ، فقد قيلَ : إنه خطأٌ في اللغة ؛ لأنه لا يقالُ في كثرةِ العِيَالِ : عَالَ يَعُولُ ، وإنَّما يقالُ : عَالَ يَعِيْلُ إذا صارَ ذا عِيَالٍ ، وفي الآيةِ ما يُبْطِلُ هذا التأويلَ وهو قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } لأن إباحةَ كلِّ ما مَلَكَ اليمينُ أزْيَدُ في العيالِ من أربع نِسْوَةٍ . وقرأ طاوُوس : ( أنْ لاَ يَعِيلُوا ) مِنَ الْعِيْلَةِ ؛ يقال : عَالَ الرَّجُلُ يَعِيْلُ ؛ إذا افْتَقَرَ ، وَالْعِيْلَةُ : الْفَقْرُ . قال الشاعرُ :