Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 51-51)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ } ؛ قرأ السلمي : ( ألَمْ تَرْ ) ساكنةَ الراء في كلِّ القرآن كما قالَ الشاعرُ : @ مَن يَهْدِهِ اللهُ يَهْتَدِ لاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ أضَلَّ فَمَا يَهْدِيهِ مِنْ هَادِي @@ قال ابنُ عبَّاس : ( رَكِبَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ فِي تِسْعِيْنَ رَاكِباً مِنَ الْيَهُودِ ؛ فِيْهِمْ حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ وَجَدْيُ بْنُ أخْطَبَ وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ وغَيْرُهُمْ إلَى أهْلِ مَكَّةَ لِيُحَالِفُوهُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيَنْقُضُوا الْعَهْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ قَبْلَ أجَلِهِ ، فَقَالَ أبُو سُفْيَانَ : يَا مَعْشَرَ أهْلِ الْكِتَاب ؛ أنْشِدُكُمْ باللهِ أيُّهُمْ أقْرَبُ لِلْهُدَى ؛ نَحْنُ أمْ مُحَمَّدٌ وَأصحَابُهُ ، فَإنَّا نُعَمِّرُ مَسْجِدَ اللهِ ، ونَسْقِي الْحَجِيْجَ ، وَنَحْجُبُ الْكَعْبَةَ ، وَنَصِلُ الرَّحِمَ ، وَمُحَمَّدٌ قَطَعَ أرْحَامَنَا وَاتَّبَعَهُ شِرَارُ الْحَجِيْجِ بَنُو غِفَارٍ ، فَنْحْنُ أهْدَى أمْ هُمْ ؟ فَقًالَتِ الْيَهُودُ : أنْتُمْ أهْدَى مِنْهُمْ . فَأَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ ) . ومعناه : ألم يَنْتَهِ علمُكَ يا مُحَمَّدُ إلى { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ } أي علماً بالتَّوراةِ وما فيها من نَعْتِ مُحَمَّدٍ وصفتِه يصدِّقون بالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ . قال ابنُ عبَّاس : ( الْجِبْتُ : حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ ، وَالطَّاغُوتُ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ ) . وقيل الجِبْتُ : الكَهَنَةُ ، والطَّاغُوتُ : الشَّيَاطِيْنُ . وَقِيْلَ : الْجِبْتُ والطاغُوتُ : صَنَمَانِ كان المشركونَ يعبدونَهما من دون اللهِ . وقيل الْجِبْتُ : الصنمُ ، والطَّاغُوتُ : مترجمة الصنمِ على لسانه . وقال أهلُ اللغة : كُلُّ مَعْبُودٍ سِوَى اللهِ تَعَالَى مِنْ حَجَرٍ أو مَدَرٍ أو صُورَةٍ فهو جِبْتٌ وَطَاغُوتٌ ، دليلهُ قال تعالى : { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] ؛ وقولهُ تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا } [ الزمر : 17 ] . وقال مجاهدُ : ( الْجِبْتُ : السِّحْرُ ، وَالطَّاغُوتُ : الشَّيْطَانُ ) . يدلُ عليه قولهُ : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } [ البقرة : 257 ] { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوۤاْ أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَٰنِ } [ النساء : 76 ] . وقال بعضُ المفسِّرين : لَمَّا خَرَجَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ هُوَ وَمنْ مَعَهُ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ أحُدٍ لِيُحَالِفُوا قُرَيْشاً عَلَى عَدَاوَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ نَزَلَ كَعْبُ عَلَى أبي سُفْيَانَ فَأَحْسَنَ مَثْوَاهُ ، وَنَزَلَ الْيَهُودُ فِي دُور قُرَيْشٍ ، فَقَالَ أهْلُ مَكَّةَ : إنَّكُمْ أهْلُ كِتَابٍ وَمُحَمَّدٌ صَاحِبُ كِتَابٍ ، وَلاَ نَأْمَنُ أنْ يَكُونَ هَذا مَكْرٌ مِنْكُمْ ، فَإنْ أرَدْتَ يَا كَعْبُ أنْ نَخْرُجَ مَعَكَ فَاسْجُدْ لِهَذَيْنِ الصَّنَمَيْنِ وآمِنْ بهِمَا ؛ فَفَعَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ } . قَالَ كَعْبُ لأَهْلِ مَكَّةَ : يَجِيْءُ مِنْكُمْ ثَلاَثُونَ ؛ وَمِنَّا ثَلاَثُونَ ؛ فَنَلْزِقُ أكْبَادَنَا بالْكَعْبَةِ فَنُعَاهِدُ رَبَّ الْبَيْتِ لَنُجْهِدَنَّ عَلَى قِتَالِ مُحَمَّدٍ ، فَفَعَلُواْ ذلِكَ ، ثُمَّ قَالَ أبُو سُفْيَانَ : يَا كَعْبُ ؛ إنَّكَ امْرُؤٌ تَقَرَأ الْكِتَابَ وَنَحْنُ أمِّيُّونَ لاً نَعْلَمُ ، فَمَنْ أهْدَى سَبيلاً ، وَأقْرَبُ إلَى الْحَقِّ نَحْنُ أمْ مُحَمَّدٌ ، فَقَالَ كَعْبٌ : وَاللهِ أنْتُمْ أهْدَى سَبيْلاً مِنَ الََّذِي عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ . فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ } . يَعْنِي كَعْباً وأصحابَهُ يؤمنونَ بالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ يعني الصَّنمين ، { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } ؛ أي لأبي سُفيانَ وأصحابَه : { هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً } .