Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-77)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ } ؛ قال ابنُ عبَّاس وقتادةُ والحسن والكلبيُّ : " نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي قَوْمٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ : عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أبي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِاللهِ وَالْمِقْدَادُ وَغَيْرُهُمْ ، كَانُوا يَلْقَوْنَ مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ أذىً كَثِيْراً وَهُمْ بمَكَّةَ قَبْلَ أنْ يُهَاجِرُواْ إلَى الْمَدِيْنَةِ ؛ فَشَكَواْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛ وَقَالُواْ : يَا رَسُولَ اللهِ ءأذنْ لَنَا فِي قِتَالِ هَؤْلاَءِ فَإنَّهُمْ قَدْ آذُوْنَا ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " كُفُّواْ أيْدِيَكُمْ ؛ فَإنِّي لَمْ أؤْمَرْ بِقِتَالِهِمْ ، وَأقِيْمُوا الصَّلاَةَ الْخَمْسَ ، وَأدُّواْ زَكَاةَ أمْوَالِكُمْ " فَلَمَّا خَرَجُواْ إلَى الْمَدِيْنَةِ وَأَمَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى بقِتَالِ الْمُشْرِكِيْنَ ، وَأمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالْمَسِيْرِ إلَى بَدْرٍ ، كَرِهَ بَعْضُهُمْ وَشُقَّ ذلِكَ عَلَيْهِمْ " . ومعنى الآية : { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ } ؛ بالمدينةِ أي فُرِضَ ؛ { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ } ؛ وقيل معناهُ : { أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } ؛ كقولهِ { مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } [ الصافات : 147 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ } ؛ يعنِي مُشْرِكِي مكَّة لِمَ فَرَضْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ ؛ أي الجهادَ ؛ { لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } ؛ أي هَلاَّ تَرَكْتَنَا حتى نَمُوتَ بآجالِنا . قال الحسنُ : ( لَمْ يَقُولُوا هَذِهِ لِكَرَاهَةِ أمْرِ اللهِ ، ولَكِنْ لِدُخُولِ الْخَوْفِ عَلَيْهِمْ بذلِكَ ) ، وقال بعضُهم : نزلَتْ في المنافقينَ ، لأن قوله : { لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ } لا يَلِيْقُ بالمؤمنينَ ، وكذلك الحسَنَةُ من غيرِ الله . وَقِيْلَ : نزلت في قَوْمٍ من المؤمنين لم يكونُوا راسخين في العِلْْمِ ، قالوا هذا القولَ ؛ لأنَّهم رَكَنُوا إلى الدُّنيا وآثرُوا نعيمَها على القتالِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ } ؛ أي قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ : منفعةُ الدُّنيا يسيرةٌ تنقطعُ وتقضى ، والاستمتاعُ بها قليلٌ ؛ لأن الجديدَ منها إلى البلَى ، والشابُّ منها إلى الهرمِ والإنقضاء . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ } ؛ أي وثوابُ الآخرةِ أفضلُ لِمن اتَّقَى المعاصي ، { وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } ؛ أي ولا يُنْقَصُونَ من جَزَاءِ أعمالِهم الذي استحقُّوه مقدارَ الفتيلِ ، وقد تقدَّم تفسيرُ الفتيلِ .