Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 88-88)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } ؛ قال ابنُ هِشَامٍ : ( هَاجَرَ أنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَدِمُواْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِيْنَةَ فَأَسْلَمُواْ ، ثُمَّ نَدِمُواْ عَلَى ذلِكَ وَأرَادُواْ الرَّجْعَةَ ، فَقَالَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ : كَيْفَ نَخْرُجُ ؟ قَالُواْ : نَخْرُجُ كَهَيْأَةِ الْمُتَنَزِّهِيْنَ ، فَقَالُواْ لِلْمُسْلِمِيْنَ : إنَّا قَدِ اجْتَوَيْنَا الْمَدِيْنَةَ فَنَخْرُجُ وَنَتَنَزَّهُ - أي نَتَفَسَّحُ - فَصَدَّقُوهُمْ ، فَخَرَجُواْ فَجَعَلُواْ يُبَاعِدُونَ قَلِيلاً حَتَّى بَعُدُواْ ، ثُمَّ أسْرَعُواْ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ حَتَّى لَحِقُواْ بهَا ، وَكَتَبُواْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أنَّا عَلَى مَا فَارَقْنَاكُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّصْدِيْقِ ، وَلَكِنَّا اشْتَقْنَا إلَى أرْضَنَا وَاجْتَوَيْنَا الْمَدِيْنَةَ . ثُمَّ أنَّهُمْ أرَادُواْ أنْ يَخْرُجُوا فِي تِجِارَتِهِمْ إلَى الشَّامِ ، فَاسْتَبْعَضَهُمْ أهْلُ مَكَّةَ وَقَالُواْ : أنْتُمْ عَلَى دِيْنِ مُحَمَّدٍ ، فَإنْ لَقُوكُمْ فَلاَ بَأْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ . فَخَرَجُواْ مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهِيْنَ إلَى الشَّامِ ، فَبَلَغَ ذلِكَ الْمُسْلِمِيْنَ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : مَا يَمْنَعُنَا أنْ نَخْرُجَ إلَى هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ رَغِبُواْ عَنْ دِيْنِنَا وَتَرَكُوهُ ، نَخْرُجُ إلَيْهِمْ فَنَقْتُلُهُمْ وَنَأْخُذُ مَا مَعَهُمْ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : كَيْفَ نَقََتُلُ قَوْماً عَلَى دِيْنِكُمْ ، وَكَانَ بحَضرَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاكِتٌ لاَ يَنْهَى أحَدَ الْفَرِيقَيْنِ . فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ وَالَّتِي بَعْدَهَا يُبَيِّنُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَأْنَهُمْ ) . ومعناها : فِمَا لكُمْ من هؤلاءِ المنافقينَ حتى صِرْتُمْ في أمرِهم فرقتين من مُحِلٍّ لأموالِهم وَمُحَرِّمٍ ، { وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ } ؛ أي رَدَّهُمْ إلى كُفْرِهم وضلالَتِهم بما كَسَبُوا من أعمالِهم السيِّئَةِ ، ونفاقِهم وخُبْثِ نِيَّاتِهم ، وانتصاب { فِئَتَيْنِ } على الحالِ ؛ يقالُ : مَا لَكَ قََائِماً ؛ أي لِمَ قُمْتَ في هذه الحالةِ ، وَقِيْلَ : على خَبَرِ ( صار ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } ؛ أي تريدون يا مَعْشَرَ المخلصينَ أن تُرْشِدُوا مَن خَذلَهُ اللهُ عن دِينه وحجَّته ، وَقِيْلَ : معناهُ : أتقولونَ إنَّ هؤلاءِ مهتدون ، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } ؛ أي لن تَجِدَ له هَادِياً ، وَقِيْل : لن تَجِدَ لهُ طَريقاً إلى الْهُدَى . وقرأ عَبْدُاللهِ وأبَيّ : ( واللهُ رَكَّسَهُمْ ) بالتشديدِ .