Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 97-97)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وَجَلَّ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أهْلِ مَكَّةَ تَكَلَّمُواْ بالإسْلاَمِ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ - أيْ أظْهَرُوا الإسْلاَمَ وَأسَرُّواْ النِّفَاقَ - فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ خَرَجُواْ مَعَ الْمُشْرِكِيْنَ إلَى الْمُسْلِمِيْنَ ، فَلَمَّا رَأوْا قِلَّةَ الْمُسْلِمِيْنَ قَالُواْ وَهُمْ مَعَ الْمُشْرِكِيْنَ : غَرَّ هَؤُلاَءِ دِيْنُهُمْ ، فَقُتِلُواْ يَوْمَئِذٍ فَضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) ، وَقَالَتْ لَهُمْ : لِمَاذَا خَرَجْتُمْ مَعَ الْمُشْرِكِيْنَ وَتَرَكْتُمُ الْهِجْرَةَ ؟ ! فَكَانَ سُؤَالُ الْمَلاَئِكَةِ لَهُمْ بهَذا عَلَى سَبيْلِ التَّقْرِيْعِ . ويجوزُ أن يكونَ معناهُ : فِيمَ كُنْتُمْ في المشركينَ أمْ فِي المسلمينَ ؟ { قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي ٱلأَرْضِ } ؛ أي مَقْهُورُونَ في أرضِ مكَّة ، فأخرَجُونا معهم كَارهينَ ، قالتِ الملائكةُ : { قَالْوۤاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً } ؛ يعني أرضَ المدينةِ واسعة أمِيْنَةً ، { فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا } ؛ أي إليها ، وتخرجُوا من بين أظْهُرِ المشركينَ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ } نُصِبَ على الحالِ بمعنى تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ في حال ظُلْمِهِمْ لأنْفسِهم بالشِّركِ والنِّفَاقِ ، والأصلُ ( ظَالِمِيْنَ ) إلاَّ أن النونَ حُذِفَتْ استخفافاً وهي ثانيةٌ في المعنى ، فيكونُ هذا في معنى النكرةِ وإنْ أضيفََ إلى المعرفةِ ، كما في قولهِ تعالى : { هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ } [ المائدة : 95 ] . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } أي تَقْبضُ أرواحَهم عند الموتِ ، وإنَّما حُذفت التاءُ الثانية لاجتماع التَّاءين . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } ؛ أي أهلَ هذه الصِّفة مصيرُهم ومنْزِلتهم جهنمُ ؛ { وَسَآءَتْ مَصِيراً } ؛ لِمن صارَ إليها ، واختلفوا في خَبَرِ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } ؛ قال بعضُهم : خبرهُ : { قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ } ، أي قالوا لهم : فيما كنتم ، قال بعضُهم خبرهُ : { فَأُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } . وفي قولهِ تعالى : { أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا } دليلٌ أنهُ لا عذرَ لأحدٍ في المقام على المعصيةِ في بَلَدِهِ لأجلِ الْمَالِ والوَلَدِ والأهلِ ، بل ينبغي أن يُفارقَ وَطَنَهُ إن لم يُمكنه إظْهَارُ الْحَقِّ فيهِ ، ولِهذا رويَ عن سعيدِ بن جُبير أنه قالَ : ( إذا عُمِلَ بالْمَعَاصِي فِي أرْضٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا ) ، ورويَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : " مَنْ فَرَّ بدِيْنِهِ مِنْ أرْضٍ إلَى أرْضٍ ، وَإنْ كَانَ شِبْراً اسْتَوْجَبَ بهِ الْجَنَّةَ ، وَكانَ رَفِيْقَ ابْرَاهِيْمَ وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم "