Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 52-53)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } ؛ أي كما أوْحَينَا إلى الرُّسُلِ من قبلِكَ أوحَينا إليك جبريلَ بالقُرآنِ الذي " فيه " حياةُ القلوب من الجهلِ . ومِن هذا سُمِّي القرآنُ رُوحاً ؛ لأنه سببُ حياةِ الدِّين ، كما أنَّ الروحَ سببُ حياةِ الجسد . وقال مقاتلُ : ( مَعْنَى قَوْلِهِ { رُوحاً } يَعْنِي الْوَحْيَ ) وَهُوَ الْقُرْآنُ ؛ لأَنَّهُ يُهْتَدَى بهِ ، فَفِيهِ حَيَاةٌ مِنْ مَوْتِ الْكُفْرِ . وقولهُ { مِّنْ أَمْرِنَا } ، وَقِيْلَ : إنَّ الروحَ ها هنا جبريلُ . وقولهُ : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } ؛ أي ما كنتَ تدري قبلَ الوحيِ ما الكتابُ ولا ما الإيمانُ ؛ قيل : لأنه كان لا يعرِفُ القرآنَ قبلَ الوحي ، ولا كان يعرفُ بشرائعِ الإيمان ومعالِمه ، وهي كلُّها إيمانٌ ، وهذا اختيارُ الإمامِ محمَّد بن جرير ، واحتجَّ بقولهِ { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } [ البقرة : 143 ] يعني الصَّلاةَ سَمَّاها إيْماناً . وَقِيْلَ : معناهُ : ما كُنتَ تدري ما الإيمانُ قبلَ البلوغِ ، يعني حين كان طِفْلاً في الْمَهْدِ . وقال الحسينُ بن الفضلِ : ( هَذا مِنْ بَاب حَذْفِ الْمُضَافِ ؛ مَعْنَاهُ : " أيْ مَا كُنْتَ تَدْري مَا الْكِتَابُ " ولا أهْلِ الإيْمَانِ " أيْ " مَنِ الَّذِي يُؤْمِنُ وَمَنِ الَّذِي لاَ يُؤْمِنُ ) ، وَفِي الْجُمْلَةِ لَمْ يَكُنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفْرِ قَطُّ ، وَإنَّهُ كَانَ عَلَى فِطْرَةِ الإسْلاَمِ حِينَ وُلِدَ ، وَكَذلِكَ جَمِيعُ أنْبيَاءِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْوَحْيِ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَعْبُدُ اللهَ قَبْلَ الْوَحْيِ عَلَى دِينِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً } ؛ يعني الوحيَ ودليلاً على الإيمانِ والتوحيد ، { نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } ؛ إلى دينِ الحقِّ ، { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ؛ أي لتَدعُو الخلقَ كلَّهم بوَحينا إليك إلى طريقٍ قائمٍ يرضاهُ اللهُ وهو الإسلامُ . وقولهُ تعالى : { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } ؛ خُفِضَ على البدلِ ، وقولهُ تعالى : { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } ؛ أي إليه ترجعُ عواقِبُ الأمُور في الآخرةِ .