Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 18-24)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهُ تعالى : { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } ؛ أي بأَنْ أدُّوا إلَيَّ بني إسرائيلَ ، وهذا قولُ موسَى ، يقولُ : أطلِقُوا بني إسرائيلَ من العذاب والتسخيرِ ، فإنَّهم أحرارٌ ، { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ } ؛ من اللهِ ، { أَمِينٌ } ؛ على الرسالةِ ، لستُ بخائنٍ ولا كذابٍ ولا كاتِمٍ مما أُوحِيَ إلَيَّّ ، { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } ؛ أي لا تتجبَّرُوا عليه بتركِ طاعته ، { إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } ؛ بحجَّةٍ بَيِّنَةٍ ظاهرةٍ تدلُّ على صِدقِي . فلمَّا قالَ موسى هذه المقالةَ توعَّدُوهُ بالقتلِ بالحجارةِ ، فقال : { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } ، أي اعتصمتُ بخالقي وخالقكم من أن تقتلوني بالحجارة ، { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } ؛ أي وإنْ لَم تصَدِّقونِ فاترُكونِي لا معِي ولا عليَّ ، فلا أقلَّ مِن أن تَكُفُّوا شرَّكُم عنِّي . فأَبَوا أن يقبَلُوا منه ، ولم يؤمنوا به ، { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } ؛ أي مُشرِكون ، ولم يَدْعُ إلاَّ بعد أنْ أُذِنَ له في الدُّعاء عليهم ، فدعا عليهم . قَالَ اللهُ تَعَالَى له : { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً } ؛ حتى تَقْطَعَ بهمُ البحرَ ، { إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } ؛ يتبعكم فرعونُ وقومهُ فيكون ذلك سَبباً لغَرقِهم ، فسارَ موسَى بمَن معَهُ من بني إسرائيلَ حتى أتَى بهم البحرَ ، فضربَهُ بعصاهُ بأمرِ الله تعالى فانفلَقَ ودخلَهُ أصحابهُ . ثُم عطَفَ موسَى ليضرِبَ البحرَ بعصاهُ ليَلتَئِمَ ويخلطَ الطريقَ التي جعلَها اللهُ لبني إسرائيل حتى لا يعبُرَ فيها فرعونُ وقومه ، فقيلَ له : { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } ؛ أي سَاكِناً مُنفَتِحاً على ما هو عليه حتى يدخلَهُ فرعونُ وجنوده ، { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } ؛ في حُكمِ اللهِ تعالى . قال ابنُ عبَّاس : ( مَعْنَى قَوْلِهِ اتْرُكْهُ رَهْواً ؛ أي اتْرُكْهُ طَرِيقاً ) . والرَّهْوُ : يكون بمعنى الفُرْجَةِ بين الشَّيئين ، ونظرَ أعرابيٌّ إلى فَالِجٍ ؛ فقالَ : سُبحان اللهِ ! رَهُوٌ بين سِنَامَين ، فيكونُ المعنى على هذا : واترُكِ البحرَ ذا رَهْوٍ ؛ أي ذا فُرجَةٍ ، وهي الطريقُ التي أظهرَها اللهُ تعالى في الماءِ .