Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 15-15)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً } ؛ في الآيةِ دليلٌ على أنَّها نزَلت في رجُلٍ بعينهِ ؛ لأنَّ الناسَ كلَّهم لا يكون حَملُهم ورضاعُهم ثلاثون شَهراً ، ولا يقولون إذا بلَغُوا أربعين سَنةً : { رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ } . وجاءَ في التفسيرِ : أنَّها نزَلت في أبي بكرِ الصدِّيق رضي الله عنه . قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً } ؛ أي على كُلْفَةٍ ومشَقَّةٍ ، وأرادَ به الحملَ في البطنِ إذا ثَقُلَ عليها الولدُ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } ؛ يريدُ شدَّةَ الطَّلْقِ ومشقَّةَ الوضعِ . قرأ أهلُ الكوفة { إِحْسَاناً } وهي قراءةُ ابنِ عبَّاس رضي الله عنه . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً } ؛ أي حَملهُ سِتَّةُ أشْهُرٍ ورضاعهُ أربعَةٌ وعشرون شهراً . ورَوى عكرمةُ عن ابنِ عبِّاس رضي الله عنه قال : ( إذا حَمَلَتِ الْمَرْأةُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ أرْضَعَتْهُ أحَدَ وَعِشْرِينَ شَهْراً ) . وقال مقاتلُ وعطاء والكلبيُّ : ( هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي أبي بَكْرٍ رضي الله عنه ، وَكَانَ حَمْلُهُ وَفِصَالُهُ هَذا الْقَدْرَ ) ، ويدلُّ على صحَّة هذا قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ … } ثم إلى آخر الآية . وقرأ الحسنُ ويعقوب ( وَفَصْلُهُ ) بغيرِ ألفٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } ؛ قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه : ( أشُدَّهُ بضْعٌ وَثَلاَثوُنَ سَنَةً ) وقال : ( ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً ) . وذلك أنه صَحِبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو ابنُ ثَمانِي عشرةَ سنةً ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنُ عشرين سَنة في تجارتهِ إلى الشامِ ، وكان لا يفارقهُ في أسفارهِ وحضورهِ . فلما { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } ؛ ونُبئَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دعا ربَّهُ ، { قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ } ؛ أي ألْهِمْنِي شُكْرَ نِعمَتِكَ ، { ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } ؛ بالهدايةِ والإيمانِ حتى لم أُشرِكْ بكَ شيئاً ، { وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } ؛ أبي قُحَافَةَ عثمان بنِ عُمر وأُمِّي أمُّ الخيرِ بنت صخرِ بن عمر ، قال عليٌّ رضي الله عنه : ( هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي أبي بَكْرٍ أسْلَمَ أبَوَاهُ جَمِيعاً ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ أحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْمُهَاجِرِينَ أبَوَاهُ غَيْرُهُ ، وَأوْصَاهُ اللهُ بهِمَا ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ } ؛ فأجابَ اللهَ وأعتقَ تسعةً مِن المؤمنين يعذبون في اللهِ ولم يُرِدْ شيئاً من الخيرِ إلاَّ أعانَهُ اللهُ عليه ، واستجابَ اللهُ في ذُريَّتهِ حين قال : { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } ؛ فلم يبقَ له ولدٌ ولا والدٌ إلاَّ آمَنُوا باللهِ وحدَهُ ، قال موسى بنُ عُقبةَ : ( لَمْ يُدْركْ أرْبَعَةٌ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هُمْ وَأبْنَاؤُهُمْ إلاَّ هَؤُلاَءِ : أبُو قُحَافَةَ ، وَأبُو بَكْرٍ ، وَابْنُهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ ، وَأبُو عَتِيقِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أبي بَكْرِ رضي الله عنه ) . قال البخاريُّ : ( أبُو عَتِيقٍ أدْرَكَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ) . قولهُ { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } أي اجعَلْ أولاَدِي كُلَّهم صالِحين وقولهُ : { إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } ؛ أي إنِّي أقبَلْتُ إلى كلِّ ما يجبُ وأسلمتُ لكَ بقلبي ولسانِي وإنِّي من المخلِصين ، فأسلمَ أبوهُ وأُمُّهُ ولم يبقَ له ولدٌ إلاَّ أسلمَ .