Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 22-23)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قولهُ تعالى : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ؛ أي فلعَلَّكم إن انصَرفتُم من مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وعن ما يأمُركم به أنْ تعودُوا إلى مثلِ ما كُنتم عليه من الكفرِ والفسادِ في الأرضِ من وَأدِ البناتِ ، ومن قَتْلِ بعضِكم بعضاً كفعلِ الجاهليَّة ، وَقِيْلَ : معناهُ : لعلَّكم إنْ توَلَّيتُم أمرَ هذه الأُمة بعدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُفسِدُوا في الأرضِ بالقتال ، { وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ } ؛ بالبغْيِ ، فيقتلُ قريشٌ بني هاشِمَ ، وبنو هاشمٍ قُريشاً . وذهبَ كثيرٌ من الناسِ إلى أنَّ هؤلاءِ بنُو أُميَّة ، والمعنى : فلعلَّكم إنْ أعرَضتُم عن الإيمانِ والقرآن ، وفارَقتم أحكامَهُ أن تُفسِدُوا في الأرضِ فتَعُودُوا إلى ما كُنتم عليه في الجاهليَّة من الفسادِ وقتلِ بعضكم بعضاً ، وتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ بسَفكِ الدماءِ بعد ما جَمَعكم اللهُ بالاسلامِ والأُلفة ، فتَعُودوا إلى ما كُنتم عليه في جاهلِيَّتكم من القتلِ والبغيِ وقطيعة الرَّحم . وقال المسيَّب بن شُريك : ( مَعْنَاهُ : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أمْرَ النَّاسِ أنْ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بالظُّلْمِ ، نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَفِي بَنِي هَاشِمٍ ) . قرأ يعقوبُ وأبو حاتمٍ : ( وَتَقْطَعُوا ) مُخفَّفاً من القطعِ اعتباراً بقولهِ { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } [ البقرة : 27 ] ، وقولُ الحسن ( وَتَقَطَّعُواْ ) بفتح الحروف المشدَّدة اعتباراً بقوله { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } [ المؤمنون : 53 ] ، وقرأ الكافَّة ( وَتُقَطِّعُواْ ) بضمِّ التاء وتشديدِ الطاء وكسرِها من القطعِ على التكثيرِ لأجل الأرحامِ . ثم ذمَّ اللهُ تعالى مَن يريدُ ذلك فقالَ تعالى : { أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ } ؛ فلاَ يَسمعون الحقَّ ولا يهتَدون للرُّشدِ ، يعني المنافقِين الذين يُفسِدون في الأرضِ ، ويُقطِّعون أرحامَهم ، ونسَبَهم اللهُ تعالى إلى الصَّمَمِ والعمَى لإعراضِهم عن أمرِ الله تعالى ، وأمَّا في مُشاهدَتِهم فإنَّهم لا يكونون صُمّاً ولا عُمياناً ، ومثلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } [ الأحقاف : 26 ] .