Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 27-27)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ } ؛ وذلك أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى فِي الْمَنَامِ وَهُوَ بالْمَدِينَةِ قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ إلَى الْحُدَيْبيَةِ كَأَنَّهُ هُوَ وَأصْحَابُهُ حَلَقُواْ وَقَصَّرُواْ ، فَأَخْبَرَ بذلِكَ أصْحَابَهُ فَفَرِحُوا وَحَسِبوا أنَّهُمْ دَاخِلُوا مَكَّةَ عَامَهُمْ ذلِكَ ، وَقَالُواْ : إنَّ رُؤْيَةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ . فَلَمَّا رَجَعَ وَأصْحَابُهُ مِنَ الْحُدَيْبيَةِ وَلَمْ يَدْخُلُواْ مَكَّةَ ، قَالَ الْمُنَافِقُونَ : وَاللهِ مَا حَلَقْنَا وَلاَ قَصَّرْنَا وَلاَ دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ . فأنزلَ اللهُ الآيةَ وأخبرَ أنه أرَى رسولَ الله الصِّدقَ في منامهِ ، وأنَّهم يدخلونَهُ فقالَ اللهُ : { لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ } ؛ يعني العامَ المقبل ، { إِن شَآءَ ٱللَّهُ } ؛ قال أبو عُبيدة : ( إنَّ مَعْنَى : إنْ شَاءَ اللهُ ) حَيْثُ أُريَ رَسُولَ اللهِ فِي الْمَنَامِ . وقال أبو العبَّاس أحمدُ بن يحيى : ( اسْتَثْنَى اللهُ فِيْمَا يَعْلَمُ ، ليَسْتَثْنِي الْخَلْقُ فِيْمَا لاَ يَعْلَمُونَ ) . وَقِيْلَ : معناهُ : بمشيئةِ اللهِ ، وقال بعضُهم : هذا اللفظُ حكايةُ الرُّؤيا التي رَآها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنَّهُ رأى في المنامِ أنَّ ملَكاً يُنادي : { لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } . وَقِيْلَ : إنما كان ذلك تَأدِيباً للعبادِ ليَدخُلوا كلمةَ الاستثناءِ فيما يُخبرونَ عنه في المستقبلِ من نفيٍ وإثبات ، قوله : { آمِنِينَ } ؛ أي آمِنين من العدوِّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ } ؛ قَريباً أنَّهم يدخُلون مكَّة إلى أنْ يبلُغوا آخرَ النُّسُكِ ، { لاَ تَخَافُونَ } ؛ العدوَّ ، بخلافِ عامِ الحديبية . فيه دليلٌ أن الحلقَ والتقصيرَ قُرْبَةٌ في الإحرامِ من حيث إن الإحلالَ يقعُ بهما ، وفيه دليلٌ أن المحرِمَ بالخيار عند التحليلِ من الإحرام إنْ شاءَ حَلَقَ وإنْ شاء قصَّرَ . وفي الحديثِ : " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثاً ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لاَ تَخَافُونَ } أي لا تخافُون من المشركين ، { فَعَلِمَ } ؛ اللهُ ما في تأخيرِ الدُّخول عامَ الحديبيةِ من الخير والصَّلاحِ ، { مَا لَمْ تَعْلَمُواْ } ؛ أنتم ، { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ } ؛ أي من قبلِ الدُّخول ، { فَتْحاً قَرِيباً } ؛ يعني فتحَ خيبر .