Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 103-103)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } ؛ أي لم يجعلِ اللهُ ما يقولهُ كفّار قريشٍ من تحريم البَحيرةِ والسَّائبة والوصيلةِ والحامِي ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } ، ولكنَّهم هم الذين جعَلوا من ذاتِ أنفسهم ، واختلقوا على اللهِ بأنه حرَّم هذه الأشياء ، { وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } وهم السَّفَلَةُ والعوَامُّ لا يعقِلون ، بل يُقلِّدُون رُؤساءَهم فيما يقولون . وأما تفسيرُ البَحِيرَةِ : كانت الناقةُ إذا نتَجت خمسةَ أبطُنٍ نظَرُوا ، فإنْ كان البطنُ الخامس ذكراً ذَبَحوهُ لآلهتِهم ، وكان لَحمهُ للرِّجال من سَدَنَةِ آلهتِهم ومن أبناءِ السَّبيل دونَ النِّساء ، وإن ماتَ قبل الذبحِ أكلَهُ الرجالُ والنِّساء ، وإن كان الخامسُ أنثى نَحَرُوا أذُنَها ؛ أي شَقُّوها شَقّاً وَاسعاً وهي البَحِيرَةُ : لا تُركَبُ ولا تذبَحُ ولا تطرَدُ من ماءٍ ولا أكلٍ ، وألبانُها ومنافعُها للرِّجال من السَّدَنَةِ وأبناءِ السبيلِ دون النِّساء حتى تموتَ ، فاذا مَاتت اشتركَ فيها الرجالُ والنساء . وأما السَّائبة : فكان إذا قَدِمَ الرجلُ من سَفَرٍ أو بَرِئَ من مرضٍ أو بنى بناءً ، سَيَّبَ شيئاً من إناثِ الأنعام وسلَّمها إلى سَدَنَةِ آلهتهم ، فيُطعمون منه أبناءَ السَّبيل من ألبانِها وأسمانِها إلاّ النساءَ ، فإنَّهم كانوا لا يُطعمونَهن منها شيئاً حتى تموتَ ، فإذا ماتت أكلَها الرجالُ والنساء جميعاً . وأما الوَصِيلَةُ : فهي من الغَنم كانت الشاةُ إذا نَتجت سبعةَ أبطُن ، فإنْ كان البطنُ السَّابع ذكراً ذبَحوهُ لآلهتهم ، وإنْ كانت أنثى صَنَعوا بها ما يصنَعون بالأُنثى من البَحِيرَةِ ، وإنْ كان ذكراً وأنثى قالوا : إنَّها وصَلَتْ أخَاها ، فلم تَذبح الذكرَ لمكانهِ منها ، وكان منافعُهما للرِّجال دون النساءِ من السَّدَنَةِ وأبناءِ السَّبيل الى أن يموتَ واحدٌ منهما فيشتركُ فيه الرجالُ والنساء . وأما الْحَامِي : فهو الفحلُ إذا رَكِبَ ولدُ ولدهِ قالوا : قد حَمَى ظهرَهُ فلا يُركب ولا يحمل عليه ولا يُمنع من ماءٍ ولا مرعَى حتى يموتَ ، فيأكلهُ الرِّجالُ والنساء . وقد رُوي عن زيدِ بن أسلمَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " " إنِّي لأَعْرِفُ أوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ ، وَأوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إبْرَاهِيمَ خَلِيل اللهِ " ، قَالُوا : مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " عَمْرُو بْنُ لَحِي ، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّار يُؤْذِي أهْلَ النَّار برِيحِ قُصْبهِ . وَإنِّي لأَعْرِفُ أوَّلَ مَنْ بَحَّرَ الْبَحَائِرَ " ، قَالُوا : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : " رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلَجَ ، كَانَتْ لَهُ نَاقَتَانِ فَجَدَعَ أذُنَيْهِمَا وَحَرَّمَ ألْبَانَهَا ، ثُمَّ شَرِبَهُ بَعْدَ ذلِكَ ، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ فِي النَّار يَعَضَّانِهِ بأَفْوَاهِهِمَا وَيَخْبطَانِهِ بأَخْفَافِهِمَا " " . وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قَالَ : " قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَكْثَمَ الْخُزَاعِيَّ : " رَأيْتُ عَمْرَو ابْنَ لُحَي يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّار ، فَمَا رَأيْتُ مِنْ رَجُلٍ أشْبَهَ برَجُلٍ مِنْهُ بكَ وَلاَ بكَ مِنْهُ ، وَهُوَ أوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إبْرَاهِيمَ عليه السلام ، وَنَصَبَ الأَوْثَانَ ، وبَحَّرَ الْبَحِيرَةَ ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ ، وَحَمَى الْحَامِي ، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ فِي النَّار يُؤْذِي أهْلَ النَّار بريحِ قُصْبهِ " ، قَالَ أكْثَمُ : يَا رَسُولَ اللهِ أيَضُرُّنِي شَبَهُهُ ؟ فَقَالَ : " إنَّكَ مُؤْمِنٌ وَهُوَ كَافِرٌ " " .