Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 11-11)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } ؛ قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( وَذَلِكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً سَبْعِيْنَ رَجُلاً إلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، وَأمَّرَ عَلَيْهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرِو الأَنْصَاريِّ ، وَكَانَ طَرِيقُهُمْ عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ ، وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ صُلَحَاءَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأمَرَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ السَّرِيَّةَ أنْ يَنْزِلُوا عَلَى بَنِي سُلَيمٍ فَنَزَلُواْ عَلَيْهِمْ ، فَبَعَثَ بَنُو سُلَيْمٍ إلَى بَنِي عَامِرٍ وَأخْبَرُوهُمْ بأَمْرِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ ، فَارْتَحَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عِنْدِ بَنِي سُلَيْمٍ إلَى بَنِي عَامِرٍ ، فَأَضَلَّ أرْبَعَةٌ مِنْهُمْ بَعِيْراً لَهُمْ ، فَاسْتَأْذنُوا أمِيْرَهُمْ أنْ يَطْلُبُوا بَعِيْرَهُمْ ثُمَّ يَلْحَقُوا بهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ ، وَسَارَ الْمُنْذِرُ بمَنْ بَقِيَ مَعَهُ حَتَّى أتَاهُمْ وَقَدْ جَمَعُوا لَهُمْ واْسْتَعَدُّوا لَهُمْ بالسِّلاَحِ ، فَالْتَقَوا ببئْرِ مَعُونَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً ، ثُمَّ قُتِلَ الْمُنْذِرُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيْعاً . ثُمَّ أقْبَلَ الأَرْبَعَةُ الَّذِينَ أضَلُّوا الْبَعِيْرَ ، فَلَقِيَتْهُمُ أمَةٌ لِبَنِي عَامِرٍ فَقَالَتْ لَهُمْ : أمِنْ أصْحَاب مُحَمَّدٍ أنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَتْ : فَإنَّ إخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا جَمِيْعاً عَلَى الْمَاءِ ، فَقَالَ : أحَدُ الأرْبَعَةِ : مَا تَرَوْنَ ؟ قَالُوا : نَرَى أنْ نَرْجِعَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنُخْبرَهُ بالأَمْرِ ، قَالَ : لاَ ؛ وَلَكِنْ وَاللهِ لَمْ أكُنْ لأَرْغَبَ بنَفْسِي عَنْ أصْحَابي ، إرْجِعُوا فَأَقْرِئُوا مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم مِنِّي السَّلاَمَ . ثُمَّ أشْرَفَ عَلَى أصْحَابهِ فَإذا هُمْ مَقْتُولُونَ ، وَالْمُشْرِكُونَ قُعُودٌ يَتَغَدَّوْنَ ، فَانْحَدَرَ إلَيْهِمْ مِنَ الْجَبَلِ بسَيْفِهِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ . وَغَشِيَ الثَّلاَثَةُ الْمَدِيْنَةَ ، فَلَقُوا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ خَارِجَيْنِ مِنَ الْمَدِيْنَةِ فَقَالاَ لَهُمَا : مَنْ أنْتُمَا ؟ قَالاَ : مِنْ بَنِي عَامِرٍ ، قَالاَ : هَذانِ مِنَ الَّذِيْنَ قَتَلُوا إخْوَانَنَا ؛ فَقَتَلُوهُمَا وَأخَذُوا سِلاَحَهُمَا ، ثُمَّ دَخَلُوا المَدِيْنَةَ فَأَخْبَرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " بئْسَ مَا صَنْعْتُمْ ، قَتَلْتُمْ رَجُلَيْنِ مِنْ أهْلِ الْمِيْثَاقِ " وَجَاءَ أوْلِيَاءُ الْقَتِيْلَيْنِ يَطْلُبُونَ الْقِصَاصَ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ لَكُمْ إلاَّ دِيَةُ صَاحِبَيْكُمْ أغَرْنَا إلَى عَدُوِّنَا مِنْ بَنِي عَامِرٍ ، وَلَكِنَّا نُؤَدِّي إلَيْكُمُ الدِّيَةَ " فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ حَتَّى أتَى بَنِي قَُرَيْظَةَ ؛ فَقَالَ لَهُمْ : " إنَّكُمْ جِيْرَانُنَا وَحُلَفَاؤُنَا ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا أصَبْنَا بهِ مِنْ دَمِ الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَهُمَا مِنْ أهْلِ الْمِيْثَاقِ ، وَنَحْنُ نُرِيْدُ أنْ نُؤَدِّي دِيَتَهُمَا ، فَاتَّخِذُوا بهَا عَنْدَنَا يَداً نَجْزِيكُمْ بهَا بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَإنَّ الأَيَّامَ دُوَلٌ " فَقَالُوا : مَرْحَباً وَأهْلاً يَا أبَا الْقَاسِمِ ، وَلَكِنَّ إخْوَانَنَا مِنْ بَنِي النَّضِيْرِ لاَ نَقْضِي أمْراً مِنْ دُونِهِمْ ، نُعْلِمُهُمْ بذلِكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا يَوْمَ كَذا وقَدْ جَمَعْنَا الَّذِي تُرِيْدُ . فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُهُ . فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْمِيْعَادِ ؛ أتَاهُمْ وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ؛ فَأَجْلَسُوهُمْ فِي بَيْتٍ ، ثُمَّ خَرَجُوا يَجْمَعُونَ السِّلاَحَ ، وَخَلاَ بَعْضُهُمْ ببَعْضٍ وَقَالُوا : إنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا مُحَمَّداً أقْرَبَ مِنْهُ الآنَ ؛ فَمَنْ يَظْهَرُ عَلَى هَذا الْبَيْتِ فَيَطْرَحُ عَلَيْهِ صَخْرَةً فَيُرِيْحُنَا مِنْهُ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ جَحَّاشٍ : أنَا ، فَجَاءَ إلَى رَحَاءٍ عَظِيْمَةٍ لِيَطْرَحَهَا عَلَيْهِ ؛ فَأَمْسَكَ اللهُ أيْدِيَهُمْ . وَقِيْلَ : لَمَّا جَمَعُوا السِّلاَحَ وَهَمُّوا بقَتْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ ، جَاءَ جِبْرِيْلُ عليه السلام ، فَأَخْبَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلِكَ ، فَخَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَى الْبَاب ، وَإذا هُمْ مُجْتَمِعُونَ يَنْتَظِرُونَ قُدُومَ كَعْب بنِ الأَشْرَفِ لِيَهْجِمُوا عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابهِ ، وَخَرَجَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَإذا هُوَ برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِماً عَلَى الْبَاب ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! أبْطَأْتَ عَلَيْنَا حَتَّى خِفْنَا أنْ يَكُونَ قَدِ اغْتَالَكَ أحَدٌ ، فقال : " قَدْ أرَادُوا ذلِكَ ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ " ثُمَّ خَرَجَ بَقِيَّةُ أصْحَاب رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَحِقُوا جَمِيْعاً بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ! إنَّ قُدُورَنَا تَغْلِي نُرِيْدُ أنْ نُطْعِمَكَ ، وَقَدْ رَجَعْتَ بغَيْرِ عِلْمِنَا . فَأَخْبَرَهُمْ بمَا هَمُّوا بهِ وَعَزَمُوا عَلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . ومعناهَا : يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا باللهِ وَكُتُبهِ وَرُسُلِهِ احْفَظُوا مِنَّةً اللهِ عليكم إذْ هَمَّ قومٌ - وهم بَنُو قُرَيْظَةَ - أن يَبْسِطُوا إليكُم أيديَهم بالقتلِ ، { فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ } ؛ بالمنعِ عن قَتْلِكُمْ ، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } ؛ في جميعِ أمُورهم وأحوالِهم .