Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 19-20)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَ وَجَلَّ : { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ } ؛ أي يا أهلَ التَّوراةِ والإنجيلِ قد جاءَكم مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يُبَيِّنُ لكُم الحلالَ والحرامَ على انقطاعٍ مِنَ الرُّسُلِ ، ودُرُوسٍ مِن الْعِلْمِ . قال الكلبيُّ : ( كَانَ بَيْنَ مِيْلاَدِ عِيْسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَمْسُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً ، وَبَعْدَ مِيْلاَدِ عِيْسَى أرْبَعَةٌ مِنَ الرُّسُلِ فِي مِائَةٍ وَأرْبَعَةٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } [ يس : 14 ] قَالََ : وَلاَ أدْري الرَّسُولُ الرَّابعُ مَنْ هُوَ ) . قال بعضُهم : كان بَيْنَ عيسَى ومُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } ؛ معناهُ : كَيْلاَ تقولُوا يومَ القيامةِ مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيْرٍ يُبَشِّرُنَا بالجنَّةِ ، ولا مُخَوِّفَ يُخَوِّفُنَا بالنار ، { فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ } ؛ يُبَشِّرُكُمْ بالجنَّةِ إنْ أطعتمُوهُ ، { وَنَذِيرٌ } ؛ يُنْذِرُكُمْ بالنار إنْ عصيتموهُ ، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ؛ مِن إرسالِ الرُّسُلِ والثواب والعِقَاب . وقولهُ تعالى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } ؛ فَاذْكُرُوا يا أهلَ الكِتَاب إذ قالَ مُوسَى لِبَنِي إسرائيلَ احْفَظُوا مِنَّةَ اللهِ عليكُم إذْ أكرمَ بعضَكم بالنُّبُوَّةِ ، وهم السَّبعُونَ الذين اختارَهم موسَى وانطلَقُوا معهُ إلى الجبلِ . وإنَّما مَنَّ اللهُ عليهِم بذلكَ ، لأنَّ كثرةَ الأشرافِ والأفَاضِلِ في القومِ شرفٌ وفضلٌ لَهم ، ولا شرفَ أعظمَ من النُّبُوَّةِ ، وقولهُ تعالى : { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } أي أحْرَاراً تَملِكُونَ أمرَ أنفسِكم بعدَ أن كانت تَسْتَعْبدُكُمُ القِبْطَةُ في مملكةِ فرعونَ ، وَقِيْلَ : مُلُوكاً ذوي خَدَمٍ ، وأهلِ مَنَازلَ لا يدخلُ عليكم فيها إلاَّ بإذنٍ . قَوْلُهُ تعالى : { وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ } ؛ أي أعطاكُم من عالِمِي زمانِكم ، ويقالُ : أرادَ بذلكَ جميعَ العالمين ، فإنه تَعَالَى أنزلَ عليهم الْمَنَّ والسَّلْوَى ، وظَلَّلَهُمْ بالغَمَامِ ، ولم يُؤْتِ أحداً مِثْلَ هذه النِّعَمِ قبلَهم . ولا يدخلُ المستقبلُ في اللفظِ ؛ لأنَّ اللفظَ خَبَرٌ عن ما مَضَى ، ولا يدخلُ ذلكَ على أنهُ لم يُؤْتِ أمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مثلَ الفَضِيْلَةِ التي آتاهُمْ أو أكْثَرَ ، والغرضُ من هذه الآيةِ أنَّ اللهَ تعالى أرادَ أن يُكَلِّفَهُمْ دخولَ الأرضِ المقدَّسة ، وكان يَشُقُّ ذلكَ عليهم فَقَدَّمَ ذِكْرَ نِعَمِهِ عليهم ليكونَ بأمتثالِهم مثالٌ على امتثالِ أمرِ الله تعالى .