Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 33-33)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : " إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَادَعَ أبَا بُرْدَةَ هِلاَلَ بْنَ عُوَيْمِرَ الأَسْلَمِيُّ : " عَلَى أنْ لاَ يُعِيِنَهُ وَلاَ يُعَِينَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ أتَاهُ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ أمَّنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ مَرَّ بهِلاَلِ بْنِ عُوَيْمِرَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ آمِنٌ " . فَمَرَّ قَوْمٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُرِيدُونَ الإسْلاَمَ عَلَى قَوْمٍ مِمَّنْ أسْلَمَ مِنْ قَوْمِ هِلاَلٍ ، وَلَمْ يَكُنْ هِلاَلٌ يَوْمَئِذٍ حَاضِراً ، فَخَرَجَ أصْحَابُهُ إلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ وَأخَذُوا أمْوَالَهُمْ ، فَبَلَغَ ذلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللهُ فِيْهِمْ هَذِهِ الآيَةَ " . ومعناها : ( إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَاربُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ ) الفَسَاد نحو القتلِ والنَّهب والتخريب وقطع الطريقِ { أَن يُقَتَّلُوۤاْ } إنْ قتَلُوا أحداً ولم يأخذُوا المالَ { أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ } مقتُولين إن قتَلُوا وأخذُوا المالَ ، { أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ } اليدُ اليمين من الرِّسغ ، والرِّجل اليُسرى من الكعب إن أخَذُوا المالَ ولم يقتُلوا أحَداً ، { أَوْ يُنفَوْا مِنَ ٱلأَرْضِ } إن أخَافُوا الطريقَ ولم يفعَلُوا سِوَى ذلك . واختلَفُوا في معنى النَّفي ، قال بعضُهم : يعني الحبسَ ، وقال بعضُهم : هو الطلبُ حتى لا يستقرَّ بهم مكانٌ . والتوفيقُ بين القولَين : أنَّهم إنْ أخِذُوا بعد ما أخَافُوا الطريقَ ؛ أودعَهم الإمامُ السِّجن حتى يتوبُوا أو يموتوا ، وإنْ لم يُؤخَذوا أمَرَ بطلبهم ، وأمرَ أن يُنادى في الناسِ : أنَّ مَن قتلَهم لا سبيلَ عليه . وإنما سُمي الحبسُ نَفياً ؛ لأنه يمنعُ المحبوسين من التردُّد والتصرُّف في الأرضِ ، ويكون ذلك بمنزلةِ النَّفيِ من الأرض . واختلَفُوا في كيفيَّة الصَّلب مع القتلِ . قال أبو حَنيفة : ( يُصْلَبُ حَيّاً لِيَرَى النَّاسَ وَيَرَوهُ ؛ وَيَكُونُ ذلِكَ زيَادَةً عُقُوبَةٍ لَهُ ، ثُمَّ تُبْعَجُ بَطْنُهُ بالرُّمْحِ ؛ يُطْعَنُ فِي خَاصِرَتِهِ حَتَّى يَمُوتَ ) . وقال أبو يُوسف والشافعيُّ : ( يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا } ؛ أي فضيحةٌ في الدنيا ، { وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ؛ أعظَمُ من هذا . وقال مقاتلُ وسعيد بن جُبير : ( نَزلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي قَوْمٍ مِنْ بَنِي عُرَيْنَةَ ، قَدِمُوا الْمَدِيْنَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعُوهُ عَلَى الإسْلاَمِ ، وَهُمْ كَذبَةٌ وَلَيْسَ يُرِيدُونَ الإسْلاَمَ ، فَاجْتَوَواْ الْمَدِيْنَةَ وَعَظُمَتْ بُطُونُهُمْ وَاصْفَرَّتْ وُجُوهُهُمْ ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَخْرُجُوا إلَى إبلِ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُواْ مِنْ أبْوَالِهَا وَألْبَانِهَا ، فَفَعَلُوا ذلِكَ حَتَّى صَحُّوا ، ثُمَّ قَتَلُوا الرُّعَاةَ وَاسْتَاقُوا الإبِلَ وَارْتَدُّواْ عَنِ الإسْلاَمِ . فَصَاحَ الصَّائِحُ : يَا خَيْلَ اللهِ ارْكَبي . فََرَكِبُوا لاَ يَنْتَظِرُ فَارسٌ فَارساً ، فَأَسْرَعُوا فِي طَلَبهِمْ ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أبي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ فِي طَلَبهِمْ ، فَجَاءوا بهِمْ ، فَقَطََّعَ أيْدِيَهُمْ وَأرْجُلَهُمْ مِنْ خِلاَفٍ ، وَسَمَّلَ أعْيُنَهُمْ ، وَتَرَكَهُمْ بالْحَيَاةِ حَتَّى مَاتُواْ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ، فَصَارَتْ عَامَّةً فِي قُطَّاعِ الطُّرُقِ نَاسِخَةً لِتَسْمِيلِ الْعَيْنِ ) . وقال الليثُ بنُ سعدٍ : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ مُعَاتِبَةً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَعْلِيماً لَهُمْ عُقُوبَتَهُمْ ، فَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ } وَلَمْ يَكُنْ جَزَاؤُهُمْ هَذِهِ الْمُثْلَةَ الَّتِي هِيَ السَّمْلُ ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ خَطِيباً وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ ) .