Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 67-67)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } ؛ خِطَابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأمرٌ له أن يبلِّغَ الناسَ جميعَ ما أنزل إليه من ربه من القرآنِ . قَوْلُهُ تَعَالََى : { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } ؛ معناهُ : إن لم تبلِّغْ آيةً مما أنزلَ إليك ، أو حُكماً أمِرتَ بتبليغهِ إليهم ، فكأنَّكَ لم تبلِّغْ شَيئاً من الرسالةِ ؛ أي يحصلُ لك الثوابُ الموعود على تبليغِ الرسالة من قبل ، وإنَّ كتمانَ آية واحدةٍ تحبطُُ ثوابَ ما بلَّغَ من الرسالةِ . يقالُ : إنَّ في هذه الآيةِ دَليلاً على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر بشيءٍ خاص تأنَّى قَليلاً عن تبليغهِ حَذراً وخوفاً أن يبتليَهُ اللهُ ، كما ابتلَى قبلَهُ إبراهيمَ بالنار وإسماعيلَ بالذبحِ وزكريَّا ويحيى بالقتلِ ، وكان صلى الله عليه وسلم عَازماً على فعلِ ما أُمر به مع خوفهِ ، فقيلَ له إن لم تفعَلْ ما أمرت به من دعوتِهم إلى الإسلامِ ، وعبتَ دينَهم فقد بطلَ جميعُ ما فعلتَ من قبلِ التبليغِ ، كأنَّك لم تبلِّغْ شيئاً من الرسالةِ ، ولهذا قرأ نافعُ وابن عامر وعاصم : ( رِسَالاَتِهِ ) بلفظ الجمعِ ، وقد يُذكر الواحد ويراد به الجماعةُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } ؛ أمانٌ من اللهِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم كيلاَ يخافَ ولا يحذرَ ، كما رُوي في الخبرِ : " أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ الْمَدِيْنَةَ قَالَتْ لَهُ الْيَهُودُ : يَا مُحَمَّدُ إنَّا ذوُو عُدَدٍ وَنَاسٍ ، فَإنْ لَمْ تَرْجِعْ قَابَلْنَاكَ ، وإنْ رَجَعْتَ زَوَّدْنَاكَ وَأكْرَمْنَاكَ . فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَحْرِسُهُ مِائَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَار يَبيتُونَ عِنْدَهُ ، وَيُخْرُجُونَ مَعَهُ خَوْفاً مِنَ الْيَهُودِ ، فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ : { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } عَلِمَ أنَّ اللهَ يَحْفَظُهُ مِنْ كَيْدِ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ ، فَقَالَ لِلْمُهَاجِرِيْنَ وَالأنْصَارِ : " انْصَرِفُوا إلَى رِجَالِكُمْ ، فَإنَّ اللهَ قَدْ عَصَمَنِي مِنَ الْيَهُودِ " " فَكَانَ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذلِِكَ يَخْرُجُ وَحْدَهُ فِي أوَّلِ اللَّيْلِ وَعِنْدَ السَّحَرِ إلَى أوْدِيَةِ الْمَدِيْنَةِ وَحَيْثُ مَا شَاءَ ، فَعَصَمَهُ اللهُ مَعَ كَثْرَةِ أعْدَائِهِ وَقِلَّةِ أعْوَانِهِ ، فَعَاشَ حَمِيداً وَمَاتَ سَعِيداً صلى الله عليه وسلم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } ؛ أي لا يُرْشِدُهم إلى دينهِ وحُجَّته ، ولا يهدِيهم إلى طريقِ الجنة في الآخرةِ .