Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 69-69)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } ؛ معنى الآيةِ : إنَّ الذين آمَنُوا بألسِنَتِهم ولم تؤمِنْ قلوبُهم ، والذين مَالُوا عن الإسلامِ وسُمُّوا باليهوديَّة ، والذين صَبَتْ قلوبُهم ، وهم صِنْفٌ من النصارَى يقال لهم السَّابحون يحلقون أوساطَ رُؤوسِهم . ويقال : الصَّابئُ هو الخارجُ من ملَّة فيها أمةٌ عظيمة إلى ملَّة فيها شرذمةٌ قليلة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ } أي من آمَنَ من هذه الفرقِ بالله وبجميعِ ما أنزل اللهُ ، والبعثِ بعد الموتِ ، وعَمِلَ صالحاً فيما بينَهُ وبين اللهِ ، فلا خوفٌ عليهم ، حيث يخافُ أهلُ النار ، ولا هم يحزَنون حيث يحزنُ أهل النار . وأما الرفعُ في قولهِ : { وَٱلصَّابِئُونَ } : فقال الكسائيُّ : هو نسَقٌ على المضمرِ في { هَادُواْ } تقديرهِ : هادُوهم والصائبون . وقال الخليلُ وسيبويه والبصريُّون قوله : { وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ } مرفوعٌ بالابتداءِ ؛ تقديرهُ : إنَّ الذين آمَنُوا ومن آمَنَ مِن الذين هَادُوا والصابئون والنصارَى ، مَن آمَن بالله واليوم الآخرِ . وَقِيْلَ : إنما رُفِعَ لأنه عُطِفَ على { ٱلَّذِينَ } قبل دخولِ { إنَّ } ؛ لأنه لا يُحِدثُ معنى ، كما تقولُ : زيدٌ قائمٌ ، وإنَّ زَيداً قَائِمٌ معناهُما واحدٌ . وقرأ الحسنُ : ( إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتُهُ ) برفع التاءِ . وأما نفيُ الحزنِ عن المؤمنين ها هنا ، فقد ذهبَ بعض المفسِّرين إلى أنه لا يكون عليهم حزنٌ في الآخرةِ ولا خوفٌ ، ونظيرهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ } [ فصلت : 30 ] . وقال بعضُهم : إنَّ المؤمنين يخافون ويحزَنون لقولهِ تعالى : { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ } [ الحج : 2 ] وقولهُ تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [ عبس : 34 - 35 ] . وقال صلى الله عليه وسلم : " " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً " فَقَالَتْ عَائِشَةُ : وَاسَوْأتَاهُ ! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " أمَا سَمِعْتِ قَوْلَهُ تَعَالَى : { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } " " قالُوا : وإنما نفَى اللهُ تعالى في هذه الآيةِ الحزنَ عن المؤمنين ؛ لأن حزنَهم لِما كان يعرض الزوالَ ، ولم يكن له بقاءٌ معهم لم يعتدَّ بذلك .