Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 75-75)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } ؛ أي ما المسيحُ إلاَّ رسولٌ من رُسُلِ اللهِ ، فإنَّ إبراءَ الأَكْمَهِ والأبرصِ ، وإتيانهِ بالمعجزات كما أتَى موسَى بالمعجزاتٍ ؛ أي الآياتِ ، وكما أتَى إبراهيمُ عليه السلام وغيرهما من الأنبياءِ ، فلو وَجبت عبادةُ الأنبياءِ لظهور المعجزاتِ عليه لوجبت عبادةُ سائرِ الأنبياء واتخاذُهم آلهةً بسبب المعجزات ، { وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ } ؛ أي كَثيرَةُ الصِّدق والتصدُّقِ ، وذلك أنَّ جبريلَ عليه السلام أتَاها فقالَ لها : إنَّمَا أنَا رَسُولُ رَبكِ ؛ فصدَّقَتْهُ ، كما قال تعالى : { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا } [ التحريم : 12 ] . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } ؛ بيانُ أنَّهما كانا مُحدَثَين محتاجَين ، وهذا احتجاجٌ بيِّنُ على القومِ في أنه لم يكن إلَهاً ؛ لأنَّ اللهَ تعالى وَصَفَهُ في الآيةِ بصفاتٍ تُنافِي الآلهيَّة ، منها : أنَّهُ رسولٌ بعدَ أن لم يكُنْ ، ومنها : أنه كسائرِ الرُّسل فيما ظَهرت منه وعليه ، ومنها : أنه مولودٌ من أمٍّ ، ومنها : أنَّهما كَانا يعِيشان بالغداءِ كما يعيشُ سائر الآدميِّين ، وكيف يكون إلَهاً مَن تكون حياتهُ بالحيلةِ ولا يقيمهُ إلاّ أكلُ الطعامِ . ومنها ما قالوا : إنَّ أكلَ الطعامِ في الآية كنايةٌ عن قضاءِ الحاجة ؛ لأن الذي يأكلُ الطعامَ لا بدَّ له من قضاءِ الحاجة . فكلُّ هذه الصفاتِ دلالةٌ على كونهِ عَبداً مخلوقاً مربُوباً مستحيلاً أن يكون إلَهاً قَديماً ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلآيَاتِ } ؛ أي انظُرْ يا مُحَمَّدُ كيف نبيِّنُ لهم العلاماتِ في أمر عيسَى أن لم يكُنْ إلَهاً ولا ابناً له ولا ثالثَ ثلاثةٍ ، { ثُمَّ ٱنْظُرْ } ؛ يا مُحَمَّدُ ، { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } ؛ أي مِن أين يُصرَفون عن الحقِّ الواضح إلى الباطلِ . وَالإفْكُ : هو الصَّرْفُ ، كلُّ شيء صَرَفْتَهُ فهو مأْفُوكٌ ، تقولُ : أفَكْتُهُ عَنْهُ أفَكَهُ إفكاً ، ويسمَّى الكذبُ إفْكاً ؛ لأنه يصرفُ عن الحقِّ .