Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 73-74)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تعَالَى : { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } ؛ أي نحن جعَلنا النارَ عِظَةً ليتَّعِظَ بها المؤمنُ . وَقِيْلَ : جعَلناها تَذكِرَةً للنار الكُبرَى ؛ إذا رآهَا الرَّائِي ذكرَ جهنَّم ، فذكرَ اللهَ تعالى فاستجارَ به منها ، وتركَ المعصيةَ . وقوله تعالى : { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } أي وجعَلناها منفعةً للمُسافِرين الذين ينْزِلون في الأرضِ القَيُّ في المفَاوز ، يقالُ : أقوَى الرجلُ إذا نزلَ بالأرضِ القوى وهي الخاليةُ القَفرَاءُ ، ويقال : أرضٌ قَيْءٌ أي القفرى ، قال الراجزُ : @ قَيٌّ يُنَاصِيهَا بلاَدٌ قَيُّ @@ والقَيُّ والقَوَى هي الأرضُ القَفْرَى الخاليةُ البعيدةُ من العِمرَانِ ، يقالُ : أقْوَتِ الأرضُ مِن سُكَّانِها ، قال النابغةُ : @ يَا دَارَ مَيَّةَ بالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ أقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَمَدِ @@ ومنفعةُ المسافرِين بالنار أكثرُ من منفعةِ المقيمين ؛ لأنَّهم يُوقِدونَها ليلاً لتَهرُبَ منها السبِّاعُ ، ويهتَديها الضالُّ من الطريقِ ، ويستَضِيئوا بها في ظُلمَةٍ ، ويصطلوا بها من البردِ ويطبخون بها ويخبزُوا ، وضررُ فَقدِها عليهم أشدُّ . وقد يقالُ للذي فقدَ زادَهُ : الْمُقْوِي من أقْرَتِ الدارُ إذا خَلَتْ ، ويقالُ للمُقْوِينَ : مُقوٍ لِخُلُوِّهِ من المالِ والغِنَى ، مُقْوٍ لقُوَّتهِ على ما يريدُ ، فعلَى هذا الْمُقْوِي من الأضدادِ ، والمعنى : متَاعاً للغنيِّ والفقيرِ ، وذلك أنه لا غِنَى لأحدٍ عنها . ولَمَّا ذكرَ اللهُ سبحانَهُ ما يدلُّ على توحيدهِ وما أنعمَ به ، فقالَ تعالى : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } ؛ أي بَرِّئِ اللهَ مما يقولُ الظَّالمون في وصفهِ ونَزِّهْهُ عمَّا لا يليقُ به . وفي الحديثِ : " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قالَ صلى الله عليه وسلم : " اجْعَلُوهَا فيِ رُكُوعِكُمْ " " .