Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 22-22)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } ؛ " نزَلت هذه الآيةُ في حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ ، وذلك أنَّهُ كتبَ إلى أهلِ مكَّة : أنَّ مُحَمَّداً يُرِيدُ أنْ يَغْزُوَكُمْ فَاسْتَعِدُّوا لَهُ ، فأعلمَ اللهُ تعالى نَبيَّهُ عليه السلام بذلكَ ، فَقَالَ : صلى الله عليه وسلم : " مَا دَعَاكَ يَا حَاطِبُ إلَى مَا فَعَلْتَ ؟ " فَقَالَ : أحْبَبْتُ أنْ أتَقَرَّبَ إلَى أهْلِ مَكَّةَ لِمَكَانِ عِيَالِي فِيْهِمْ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عِيَالِي ذابٌّ هُنَالِكَ . فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ " . ومعناها : لا تجدُ قوماً يصَدِّقون بوحدانيَّة اللهِ تعالى وبالعبثِ بعد الموت يُناصِحُون ويطلبُون مَوَدَّةَ مَن خالفَ اللهَ ورسولَهُ في الدِّين ، ولو كانوا أقاربَهم في النَّسب ، فإن البراءةَ واجبةٌ من المْحَادِّينَ للهِ . وسنذكرُ هذه القصَّة أولَ سورةِ الممتَحنة إنْ شاءَ اللهُ تعالى . أخبرَ اللهُ تعالى بهذه الآيةِ : أنَّ إيمانَ المؤمنين يَفسُد بمودَّةِ الكفَّار ، وإنَّ مَن كان مُؤمناً لا يُوالِي مَن كفرَ ، وإنْ كان أباهُ أو ابنَهُ أو أخاهُ أو أحداً من عَشيرتهِ . وعن عبدِاللهِ بن مسعودٍ في هذه الآية أنَّهُ قالَ : ( قَتَلَ أبُو عُبَيْدَةُ أبَاهُ يَوْمَ أُحُدٍ ) ، فمعنى قولهِ { وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ } . " وقوله { أَوْ أَبْنَآءَهُمْ } يعني أبَا بكرٍ رضي الله عنه دعَا ابْنَهُ يَوْماً إلَى الْبرَاز وَقَالَ : ( دَعْنِي يَا رَسُولَ اللهِ أكِرُّ عَلَيْهِ ) فقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَتِّعْنَا بنَفْسِكَ يَا أبَا بَكْرٍ ، أمَا تَعْلَمُ أنَّكَ عِنْدِي بمَنْزِلَةِ سَمْعِي وَبَصَرِِي " " . وقوله تعالى : { أَوْ إِخْوَانَهُمْ } يعني مصعبَ بن عُمير قتلَ أخاهُ عبيدَ بن عُمير بأُحُد . وقولهُ تعالى : { أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } يعني عمرَ رضي الله عنه قتلَ خالدَ العاصِي بن هشامِ بن المغيرة يومَ بدرٍ ، وكذلك عليٌّ رضي الله عنه قتلَ شَيبَةَ بن ربيعةَ ، وكذلك حمزَةُ رضي الله عنه قتلَ عُتبة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } ؛ يعني الذين لا يُوادُّون من حَادَّ اللهَ ورسولَهُ أثبتَ اللهُ في قلوبهم حُبَّ الإيمانِ كأَنَّهُ مكتوبٌ في قلوبهم { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } أي قوَّاهم بنور الإيمانِ حتى اهتَدَوا للحقِّ وعَمِلُوا بِه . وَقِيْلَ : المرادُ بالرُّوحِ جبريل عليه السلام يُعِينُهم في كثيرٍ من المواطنِ . وَقِيْلَ : معناهُ : وأيَّدهم بنصرٍ منه في الدُّنيا على عدُوِّهم ، لأنَّهم عَادَوا عشيرتَهم الكفار وقاتَلوهم ، غضباً لله ولدينهِ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } ؛ ظاهرُ المعنى . وقولُه تعالى : { رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } ؛ بإخلاصِهم في التوحيدِ والطاعة ، ورَضُوا عنه بما أعدَّ لهم من الثَّواب والكرامةِ في الآخرة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } ؛ أي يا أهلَ هذه القصَّة جندُ اللهِ وأولياؤهُ ، ألاَ إنَّ جُنْدَ اللهِ همُ الفائزون بالبقاءِ الدائم والنعيمِ الْمُقيمِ .