Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 7-8)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ } ؛ معناهُ : إنَّ اللهَ يعلمُ بكلِّ ما في السَّماواتِ وكلِّ ما في الأرضِ مما ظهرَ للعبادِ ، { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ يونس : 61 ] . وقولهُ تعالى : { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } يعني الْمُسَّار ؛ ما تُناجِي به صاحبَكَ من شيءٍ إلاّ هو رابعُهم بالعلمِ . يعني نجوَاهم معلومةٌ عندَهُ كما تكون معلومةً عند الرابعِ الذي هم معهم ، { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ } ؛ ولا أقلَّ من ثلاثةٍ ولا أكثرَ من الخمسةِ إلاَّ وهو عالِمٌ بهم وقادرٌ عليهم في أيِّ موضعٍ كانوا ، { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ؛ عند الجزاءِ والحساب ، { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ؛ وهذه الآيةُ نزَلت في اليهودِ والمنافقين لَمَّا أعيَاهُم الإسلامُ وظهورهُ وجعلوا يتنَاجَون فيما بينهم فيُوهِمون المؤمنين أنَّهم يتناجَون فيما يسُوءُهم . وكانوا إذا خَرجت سريَّةٌ من سَرايا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فرَأى هؤلاءِ رِجَالاً مِمَّن خرجَ لهم في السريَّة صديقٌ أو قريب تنَاجَوا فيما بينهم ليَظُنَّ الرجلُ أنه حدثَ بصاحبهِ حادثٌ فيحزنُ عليه لذلك . فلمَّا كَثُرَ ذلك وطالَ شَكَوا ذلك إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فنهَاهُم عن المناجاةِ دون المسلمين ، فلم ينتَهُوا وعادُوا إلى مُناجَاتِهم ، فأنزلَ اللهُ : قولَهُ تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } ؛ معناهُ : ألَمْ ترَ إلى هؤلاءِ الذين نَهاهُم اللهُ عن مُنَاجَاةِ بعضهم بعضاً دون المؤمنين في الآيةِ التي قبلَ هذه ، ثم عَادُوا إليها مُغَايَظَةً لأصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، ويتشَاوَرُون فيما بينهم بالكَذِب والاعتداءِ ، ويُوصِي بعضُهم بعضاً بمخالفةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، { وَإِذَا جَآءُوكَ } ؛ يا مُحَمَّدُ ، { حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ } ؛ أي سلَّمُوا عليك بما لم يسَلِّمُ به اللهُ عليكَ . " وَذلِكَ أنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ : السَّامُ عَلَيْكَ ! وَكَانَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ سَتْرٍ فَلَعَنَتْهُمْ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَهْلاً يَا عَائِشَةُ " فَقَالَتْ : أمَا سَمِعْتَ مَا قَالُواْ ؟ قَالَ : " أوَمَا سَمِعْتِ كَيْفَ أجَبْتُهُمْ ؟ " ثُمَّ قَالَ : " إذا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أحَدٌ مِنْ أهْلِ الْكِتَاب فَقُولُواْ : عَلَيْكَ مَا قُلْتَ " والسَّامُ هو الموتُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } ؛ معناهُ : أنَّهم كانوا يقُولون فِي أنفُسِهِم : ألاَ ينَزِّلُ اللهُ العذابَ بنا بما نقولُ لنَبيِّهِ إنْ كان نَبيّاً كما يزعمُ ، فلو كان مُحَمَّدٌ نَبيّاً لعَذبَنا اللهُ بما نقولُ ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى : { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا } ؛ أي كَافِيهم جهنمُ عذاباً لَهم يلزَمُونَها ويُقَاسُونَ حرَّها ، { فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } ؛ أي فبئْسَ الْمَرْجِعُ يرجعون إليه .