Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 5-5)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } ؛ وذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ ببَنِي النَّضِير وَتَحَصَّنُوا فِي حُصُونِهِمْ ، أمَرَ بقَطْعِ نَخِيلِهِمْ وَإحْرَاقِهَا ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ : مَا بُعِثَ نَبيٌّ إلاَّ بالصَّلاحِ ، وَلَيْسَ فِي هَذا إلاَّ إفْسَادُ الْمَعِيشَةِ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ ، وَقَالُواْ : يَا مُحَمَّدُ إنَّكَ تُرِيدُ الصَّلاَحَ ، أفَمِنَ الصَّلاحِ قَطْعُ النَّخِيلِ وَالأَشْجَار ؟ وَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا زَعَمْتَ أنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ . فَشُقَّ ذلِكَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فِي أنْفُسِهِمْ مِنْ ذلِكَ مَشَقَّةً ، وَكَانَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يُمْعِنُونَ فِي قَطْعِ النَّخْلِ ، وَبَعْضُهُمْ يَنْهَى عَنْ ذلِكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ تَصْدِيْقاً لِلَّذِينَ نَهَوا عَنْ قَطْعِ النَّخِيلِ وَتَحْلِيْلاً لِمَنْ قَطَعَهُ ، وَبَرَاءَةً لَهُمْ مِنَ الإثمِ وَتَصْوِيْباً لِلْفَرِيقَيْنِ ، فَقَالَ تَعَالَى : { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } بيَّن أنَّ ما قُطِعَ منها قُطِعَ بإذنِ الله ، وما تُرِكَ منها بإذنِ الله . واللِّينَةُ هي النَّخلَةُ ، قال ابنُ عبَّاس وقتادةُ : ( اللِّينَةُ هِيَ كُلُّ نَخْلَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً ) ، وَقِيْلَ : اللِّينَةُ : مَا خَلاَ العجوةَ والبرني وجمعه لِيَانٌ ، ورُوي : " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْطَعُ نَخِيلَهُمْ إلاَّ الْعَجْوَةَ " قال عكرمةُ : ( وَالنَّخْلُ كُلُّهُ لِيَانٌ مَا خَلاَ الْعَجْوَةَ ) ، وقال سفيانُ : ( اللَّينَةُ هِيَ كِرَامُ النَّخْلِ ) . وقال مقاتلُ : ( هُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ ثَمَرُهَا شَدِيدُ الصُّفْرَةِ يَغِيبُ فِيْهِ الضِّرْسُ عِنْدَ أكْلِهِ ، وَكَانَ مِنْ أجْوَدِ ثَمَرِهِمْ وَأعْجَبهِ إلَيْهِمْ ) ، والعربُ تُسمِّي النخلَ كُله لِيَانٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ } ؛ معناهُ : ولِيُهِينَ اللهُ ويُذِلَّ اليهودَ ويُخْزِيَهُمْ بأن يُرِيَهم أموالَهم يتحكَّمُ فيها المؤمنون كيف أحَبُّوا لأنَّهم نقَضُوا العهدَ .