Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 103-103)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَٰرُ } ؛ أي لا تدركُ الأبصار كُنْهَهُ ؛ { وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَٰرَ } ؛ أي يعلمُ كُنْهَهَا وماهيَّتَها ؛ فإنهُ لا أحدَ يَعْلَمُ أنَّ الإنسانَ لِمَ صارَ يُبْصِرُ من عينَيهِ ولا يبصرُ بغيرهما ؛ وما الشيءُ الذي يصيرُ به الإنسانُ مُبْصِراً ؛ وكيفَ حقيقةُ البصرِ ، فأعلَمَ اللهُ تعالى أنَّ خَلْقاً من خَلْقِهِ لا يُدْرَكُ كُنْهُهُ ولا يحيطونَ بعلمهِ ؛ فيكفَ يحيطونَ باللهِ ؟ ! فمَنْ حَمَلَ الآيةَ على هذا التأويلِ ؛ لم يكن فيهِ ما يَنْفِي الرؤيةَ في الآخرةِ ؛ لأن معنى الرؤيةِ غيرُ معنى الإحاطةِ بحقيقة الشيء . وقال بعضُ المفسِّرين : ( إنَّ الإِدْرَاكَ إذا قُرِنَ بالْبَصَرِ ؛ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الرُّؤيَةُ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : أدْرَكْتُ ببَصَرِي ؛ وَرَأيْتُ ببَصَرِي ، بمَعْنًى وَاحِدٍ ، كَمَا يُقَالُ : أدْرَكْتُ بأُذُنِي ؛ وَسَمِعْتُ بأُذُنِي ، بمَعْنًى وَاحِدٍ ) . قالوا : وأصلُ الإِدْراكِ : اللُّحُوقُ ؛ نحوُ قولِكَ : أدركتُ زمانَ فلانٍ ؛ وأدركَ فلانٌ أبا حَنِيْفَةَ ؛ وأدركَ الزرعَ والثمرةَ ؛ وأدركَ الغلامُ إذا لَحِقَ حَالَ الرِّجَالِ . وإدراكُ البصرِ الشيءَ ولُحُوقُهُ بهِ برُؤْيَتِهِ إيَّاهُ ، إلا أنهُ لا يَمْتَنِعُ أن تكونَ هذه الآيةُ عامَّةً من جهةِ اللفظ والمرادُ منها الخصُوصُ تَوْفِيقاً بين هذه الآيةِ وبين قولهِ تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ القيامة : 22 - 23 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } ؛ أي اللَّطيْفُ بعبادهِ في التَّدبيرِ ، الْخَبيْرُ بمصالِحهم .