Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 112-112)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } أي كما جعلنَا لكَ ولأُمَّتِكَ أعداءً مثلَ أبي جهلٍ وأصحابه ، كذلك جعلنا لِمَنْ تقدَّمَكَ من الأنبياءِ وأُمَمِهِمْ عَدُوّاً . و ( شَيَاطِيْنَ ) نصبَ على البدلِ من ( عَدُوّاً ) ومفسِّراً لهُ ، ويجوزُ أن يكون مَفْعُولاً ثانياً . قال ابنُ عبَّاس في معنى هذه الآيةِ : ( إنَّ إبْلِيْسَ قََسَّمَ جُنْدَهُ فَرِيْقَيْنِ ، فَبَعَثَ فَرِيْقاً مِنْهُمْ إلَى الإنْسِ ؛ وَفَرِيْقاً إلَى الْجِنِّ . فَشَيَاطِيْنُ الإِنْسِ وَشَيَاطِينُ الْجِنِّ يَلْتَقِي بَعْضُهُمْ ببَعْضِ ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أضْلَلْتُ صَاحبِي بكَذَا وَكَذا ، أتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذاتِ ، وَمِنْ قِبَلِ الْمَرَاكِب وَالْمَلاَبسِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَاب ، فَإنْ أعْيَانِي مِنْ وَجْهٍ أتَيْتُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فأَضْلِلْ صَاحِبَكَ بِمثْلِهِ ) . فَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } ؛ أي يُلْقِي بعضُهم إلى بعضٍ ويُمْلِي بعضُهم إلى بعضٍ ؛ { زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } ؛ أي الْمُمَوَّهُ الذي يكونُ فيه تَزْييْنُ الأعمالِ القبيحة . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { غُرُوراً } نُصبَ على المصدرِ ؛ كأنه قالَ : يُغْرُونَ بهِ غُرُوراً . وذهبَ بعضُ المفسِّرين : ( إلَى أنَّ الشَّيَاطِيْنَ اسْمٌ لِكُلِّ عَاتٍ مُتَمَرِّدٍ ؛ مِنَ الْجِنِّ وَمِنَ الإِنْسِ شَيَاطِيْنُ ) . كما رُويَ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال : " دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ ، فأَمَرَنِي أنْ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ؛ فَصَلَّيْتُ وَجَلَسْتُ إلَيْهِ ؛ فَقَالَ لِي : " يَا أَبَا ذرٍّ ؛ تَعَوَّذْ باللهِ مِنْ شَيَاطِيْنِ الإنْسِ وَالْجِنِّ " . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أوَمِنَ الإنْسِ شَيَاطِيْنُ ؟ ! فَقَالَ : " أوَمَا تَقْرَأْ قَوْلَهُ تَعَالَى : { شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } ؟ " " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } ؛ أي لو شاءَ ربُّكَ أن يَمْنَعَ الشياطين من الْوَسْوَسَةِ مَا فَعَلُوهُ ، ولكن يَمْتَحِنُ عِبَادَهُ بما يعلمُ أنه أبلغُ في الحكمةِ وأجزلُ في الثواب . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } ؛ أي اتْرُكْهُمْ وَافْتِرَائِهِمِ وكَذِبهِمْ على استجهالاتِهم ، فإنِّي القادرُ عليهم .