Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 128-128)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } معناه : يَوْمَ نَحْشُرُ الخلائقَ كلَّهم إلى الجزاءِ ، يقول : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قََدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ مِمَّنْ أضْلَلْتُمُوهُمْ ؛ أي أضلَلْتم كثيراً من الإنسِ وكثيرٌ مُتَّبعُوكُمْ منهُم ؛ { وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم } ؛ أي قُرَنَاءُ الجنِّ ؛ { مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } . أما اسْتِمْتَاعُ الإنسِ بالجن فما روى الحسنُ : ( أنَّ الْعَرَبَ كَانُواْ إذا سَافَرُواْ فَنَزَلُواْ وَادِياً ؛ خَافُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ فَقَالُواْ : نَعُوذُ بسَيِّدِ هَذا الْوَادِي مِنْ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ ؛ فَيَبيْتُونَ فِي جِوَارٍ مِنْهُمْ ، وَكَانُوا يَرَوْنَ ذلِكَ اسْتَجَارَةً بالْجِنِّ ) . وأما استمتاعُ الجنِّ بالإِنسِ ؛ فكان عُظَمَاءُ الجنِّ يقولون : قد سُدْنَا الإنسَ مع الجنِّ ؛ حتى أن الإنسَ يعوذُون بنَا ، فيزدادون بنَا ، فيزدادون بذلك شَرَفاً في قومِهم وَعظَماً في أنفسهم . وذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } [ الجن : 6 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا } ؛ أي أدْرَكْنَا وَقْتَنَا الذي وُقَّتَ لنا . قِيْلَ : إنَّ المرادُ به وقتُ البعثِ ، وَقِيْلَ : إن المراد وقتُ الموتِ . وفي هذا دليلٌ على أنه لا يكون للمقتول أجَلاَنِ بخلافِ ما يقولُ بعض القومِ : إنَّ المقتولَ لو لم يُقتل لكان يبقى حَيّاً لا محالةَ . لأنه قد كان في هؤلاءِ مقتولون وقد أُخْبرُوا كلُّهم أنَّهم قد بلغُوا أجلهم الذي أجَّلَهُ الله لَهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ } ؛ أي قالَ اللهُ تَعَالَى : النَّارُ مقرُّكم ومَنْزِلُكمْ ؛ فإنكم قد أقْرَرْتُمْ على أنفسكم باستحقاقِ العذاب ولزُومِ الحقِّ عليكم ، قَوْلُهُ تَعَالَى : { خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( وَكَانَ مَا شَاءَ اللهُ بقَوْلِهِ : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } [ النساء : 48 ] ) . وَقِيْلَ : معناه : { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } ما بَيْنَ البعثِ من القبرِ إلى وقت الفَرَاغ من الحساب ؛ فإنه لا يكون لَهم عذابٌ في ذلك الوقت . وَقِيْلَ : معناه : { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أن يعذِّبَهم من صُنُوفِ العذاب . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ } ؛ في عِقَابهِ ؛ { عَليمٌ } ؛ بقَدْر ما يستحقُّونَ من العذاب .