Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 137-137)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( كَانَ أهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفِنُونَ بَنَاتَهُمْ أحْيَاءً كَرَاهِيَةً لِلْبَنَاتِ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَحْلِفُ لَئِنْ وُلِدَ لَهُ كَذَا وَكَذا غُلاَمًا لَيَنْحَرَ أحَدَهُمْ كَمَا حَلَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِب عَلَى ابْنِهِ عَبْدِاللهِ . وَكَانَ لآلِهَتِهِمْ خُدَّامٌ يَقُومُونَ عَلَيْهِمُ الَّذِيْنَ كَانُواْ يُزَيِّنُونَ لِلْمُشْرِكِيْنَ قَتْلَ أوْلاَدِهِمْ . ) . ومعنى الآية : وكما زُيِّنَ تحريمُ الحرثِ والأنعام ؛ زُيِّنَ لكثيرٍ من المشركين دفنُ بناتِهم أحياءً كراهيةً لَهُنَّ ومخافةَ الفقرِ ، وقَوْلُهُ تَعَالَى : { شُرَكَآؤُهُمْ } أي قُرَنَاؤُهُمْ وشَيَاطِيْنُهُمْ ، وَقِيْلَ : سَدَنَةُ ألهِتهم ؛ يعني خُدَّامَ أصنامِهم . قرأ بعضُهم : ( زُيِّنَ ) على ما لَمْ يُسَمَّ فاعلهُ ، ورَفَعَ قولَهُ : { قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ } يحملُ على المعنى على الفَاعِلِ ؛ كأنهُ قال : مَنْ زُيِّنَ لَهم ، ثم قالَ ( شُرَكَاؤُهُمْ ) على إضمار ( زَيَّنَهُ ) . وقرأ ابنُ عامرٍ بضمِّ الزاي ، وَقِيْلَ : بضمِّ اللام ( أوْلاَدَهُمْ ) بالنصب و ( شُرَكَائِهِمْ ) بالكسرِ . ومعنى ذلكَ : على التقديمِ والتَّأخيرِ ؛ كأنهُ قالَ : زُينِّ لكثيرٍ من المشركينَ قَتلَ شُرَكايُهم أولادِهم ، فيكونُ معنى الشركاءِ الكفار القاتلون ، المتقدِّمون منهمُ والباقونَ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { لِيُرْدُوهُمْ } أي لِيُهْلِكُوهُمْ . يجوزُ أن تكون هذه لامَ العاقبةِ ، إن لم يكن غرضُهم بذلكَ الأمرِ إهلاكَهم ، ويجوزُ أن تكون لامَ الغرضِ ؛ لأنه قد كانَ فيهم معانِدون وغيرُ معاندين ؛ فَغلبَتْ صفةُ المعاندين . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } ؛ أي لِيَخْلِطُوا ويُشَبهُوا عليهم دينَهم دينَ إسماعيلَ عليه السلام . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } ؛ أي لو شاءَ الله لَمَنَعَهُمْ من دفنِ البناتِ أحياءً ، { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } ؛ أي اتْرُكْهُمْ وافتراءَهم على اللهِ أنه أمَرهم بدفنِ بناتِهم أحياءً ، فإنَّ اللهَ تعالى مع قدرتهِ عليهم تَرَكَهُمْ ؛ فاتركْهُم أنتَ ، فإنَّ لَهم موعداً يُحاسبون فيهِ . وقُرِىءَ : ( قَتْلَ أوْلاَدِهِمْ شُرَكَائِهِمْ ) كلاهُما بالكسرِ ، فتكون الشركاءُ من نعتِ الأولاد ؛ لأن أولادَهم شركاؤهم في أموالِهم .