Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 38-38)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } ؛ أي ما مِنْ دابَّة تدبُّ وتتحرَّك على وجهِ الأرض ، وَلا طَائِرٍ يُطِيرُ بجَنَاحَيْهِ في الْهَوَاءِ ، إلا أُمَمٌ أمْثَالُكُمْ ، في الفقرِ والفَاقَةِ والحاجة إلى مُدَبرٍ يدبرهم في أغذِيَتهم وأكنَّتهم وهدايتهم إلى مراشِدهم ومصالِحهم . وقيل : معناهُ : إلا أممٌ أمثالُكم في الْخَلْقِ والرزقِ والموت البعثِ ؛ لأنهُ قال : { وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ } [ الأنعام : 36 ] فيكونُ معناه : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } في أنَّ الله يُمِيْتُهَا ويَبْعَثُهَا للجزاء . وقيلَ : معناهُ : { إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } يَفْقَهُ بعضُه عن بعضٍ ، كما يفقهُ بعضكم عن بعضٍ . وذِكْرُ الجناحين في الآية على جهةِ التَّأكيد ؛ لأنه يقالُ : طَارَ فلانٌ في الأمرِ ؛ أي أَسْرَعَ ، وفلانٌ طُيْرٌ من الطُّيور ؛ لسرعتهِ في الأمور . وقيل : ذِكْرُ الجناحين في الآيةِ لبيان أنَّ المرادَ به الطيرُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ } ؛ معناهُ : ما تركنا في اللَّوح المحفوظِ شيئاً إلا كَتَبْنَاهُ فيه . ويقالُ : ما تركنا بيانَ شيءٍ فِي الْقُرْآنِ فيما يَحتاجون إليه من أحكام الدِّين والدُّنيا ، بل قدْ بَيَّنَّا في الكتاب كلَّ شيء إما مُفَصَّلاً أو مُجْمَلاً ، أما الْمُفَصَّلَ كقولهِ تعالى : { ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ } [ المائدة : 45 ] وأما الْمُجْمَلُ كقوله : { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [ الحشر : 7 ] . وقوله تعالى : { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } ؛ معناهُ : أنَّ الطيورَ والدوابَّ يجمعون مع سَائِرِ الْخَلْقِ يومَ القيامةِ للحساب والجزاء ، كما روي في الخبر عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : " إنَّ اللهَ تََعَالَى يَحْشُرُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ وَالْبَهَائِمَ وَالدَّوَابَّ والطَّيْرَ وَكُلَّ شَيْءٍ ؛ فَيَبْلُغُ مِنْ عَدْلِ اللهِ تَعَالَى يَوْمَئِذٍ أنْ يَأْخُذ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ ، فَإذا مُيِّزَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَِّةِ وَالنَّار ؛ قَالَ لِلْبَهَائِمِ وَالْوُحُوش وَالطُّيُور : كُونُوا تُرَاباً تَسْتَوِي بكُمُ الأَرْضُ ، فَتكُونُ تُرَِاباً ، فَعِنْدَ ذلِكَ يَتَمَنَّى الْكَافِرُ فَيَقُولُ : يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً " . والمرادُ بهذا الإفناءِ للبهائمِ بعد أنْ أحياهَا أنهُ إفناءٌ لا يكون فيه ألَمٌ .