Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 53-53)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } ؛ قال ابنُ عَبَّاس : معناه : ( وَكَذِلكَ ابْتَلَيْنَا ( بَعْضَهُمْ ببَعْضِ ) : الْعَرَبِيَّ بالْمَوَالِي ؛ وَالْغَنِيَّ بالْفَقِيْرِ ؛ وَالشَّرِيْفَ بالْوَضِيْعِ ؛ لِيَقُولَ الأَغْنِيَاءُ وَالأَشْرَافُ مِثْلُ عُيَيْنَةَ بْنِ حُصَيْنٍ الَّذِي دَخَلَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهُ : لَوْ طَرَدْتَ هَؤُلاَءِ السَّفَلَةَ ، وَمِثْلَ أَصْحَابِهِ ؛ كَانُواْ يَقُولُونَ : هَؤُلاَءِ - يَعْنُونَ سَلْمَانَ وَأصْحَابَهُ - مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بالْمَغْفِرَةِ وَالإِسْلاَمِ مِنْ بَيْنِنَا ) . وقال الكلبيُّ : ( هُوَ أنَّ الشَّرِيْفَ إذا نَظَرَ إلَى الوَضِيْعِ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ اسْتَنْكَفَ أنْ يُسْلِمَ ، وَقَالَ : قَدْ سَبَقَنِي هَذا بالإسْلاَمِ ؛ فَلاَ يُسْلِمُ ) . ومعنى ( اللام ) في قوله : { لِّيَقُولوۤاْ } لامُ العاقبة ؛ ومعناهُ : ليكونَ عاقبةُ أمرهِما ؛ قال الأغنياءُ والأشراف : أهؤلاءِ المستضعفونَ فضَّلهم اللهُ علينا . ونظيرُ هذه اللاَّم في هذهِ الآية قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] ، ومعلومٌ أنُّهم لم يلتقطوهُ لأجلِ أن يكون لَهم عدوّاً وحَزَناً ، ولكن عاقبةُ التقاطِهم إياه أنْ صارَ لَهم عدُوّاً وحَزَناً . وقال بعضُهم : اللامُ في قوله : { لِّيَقُولوۤاْ } معناها الاستفهامُ ؛ أي ليقولَ بعضُهم لبعضٍ استفهاماً لا إنْكاراً : أهَؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا بالإيْمانِ . والفائدةُ في ذلك أن الأغنياءَ كانوا شاكِّين في أن سَبْقَ الفقراءِ إلى الإِيْمان وصبرِهم على طريقةِ الدِّين ؛ هل يوجبُ أن تكونَ نعمةً من الله عظيمة عليهم ، فأمرَهُم اللهُ تعالى أن يَسْتَفْهِمُوا من الرسولِ صلى الله عليه وسلم ما لأجلهِ يقومُ الفقراء بحضرةِ الرسُول صلى الله عليه وسلم واستحقُّوا الإعظامَ ، فيظهرُ عند الاستفهامِ جوابُ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، ويكون في سَماعهِم لذلكَ مصلحةٌ عظيمة توجبُ رضَاهُم بتقديمِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهلَ الدين . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ } ؛ استفهامٌ بمعنى التحقيقِ على معنى أنَّ اللهَ أعلمُ بمن هو من أهلِ التوحيد والثَّواب .