Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 93-93)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ } ؛ قال ابن عبَّاس : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ وَمُسَيْلَمَةَ الْكَذاب الَّذِي كَانَ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ ، وَفِي عَبْدِاللهِ بْنِ سَعْدِ بْن سَرْحٍ الْقُرَشِيِّ ، " كَانَ عَبْدُاللهِ بْنُ سَعْدٍ يَتَكَلَّمُ بالإسْلاَمِ ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ ، وَكَانَ إذا أمْلَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ اللهَ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ ، كَتَبَ مِنْ قَلْبهِ : أنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيْمٌ ، وَقَالَ : هَذا وَذاكَ سَوَاءٌ . فَلَمَّا نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ قَدْ أَفْلَحَ : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } إلى قَوْلِهِ تَعَالَى { فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً } ، ثُمَّ أمْلاَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا أمْلَى عَلَيْهِ قَوْلَهُ : { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } عَجِبَ عَبْدُاللهِ بْنُ سَعْدٍ مِنْ تَفْصِيْلِ خَلْقِ الإِنْسَانِ ، فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ : فَتَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : أكْتُبْ ، هَكَذا أُنْزِلَ عَلَيَّ . فَشَكَّ عَبْدُاللهِ حِيْنَئِذٍ ، وَقَالَ : لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقاً فَقَدْ أُوْحِيَ إلَيَّ كَمَا أُوْحِيَ إِلَيْهِ ، وَلإنْ كَانَ كَاذِباً فَلَقَدْ قُلْتُ كَمَا قَالَ . " فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) ومعناها : أيُّ أحدٍ أكفرُ وأشدُّ غبناً في كفره ممن اختلق على الله كذباً ، بأن جعل له شريكاً وولداً كما قال المشركون ومالكُ بن الصيف : ( وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أنزَلَ اللهُ ) ، والمرادُ بالذي { قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } مسيلمةَ الكذاب وكان يَسْجَعُ ويَتَكَهَّنُ ويدَّعي النبوَّة ويزعمُ أنَّ الله أوحَى إليه . وأما عبدُالله بن سرح فارتدَّ ولَحِقَ بالمشركين وقال : أنا أعلمُكم بمُحَمَّدٍ ، فلقد كان يُملي عليَّ فأغيرَه واكتبُ كما شئت . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ } ؛ أي لو رأيتَ الظالمين { فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ } لرأيتَ لَهم عذاباً عظيماً . والظالمون هُم الكافرون ، وقيلَ : المنافقون رَآهُمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ بدرِ في صفوفِ المشركين ، وقد نَرَى مسلمين بمكَّة فأخرجَهم أهلُ مكة معهم كَرْهاً ، فلما رأوا قِلَّةَ المؤمنين رَجَعُوا إلى الشِّرك ، فقالوا : غَرَّ هؤلاء دينُهم ، عَنَوا به المؤمنينَ ، وقاتلُوا مع المشركين فَقُتِلُوا جميعاً عامَّتهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ } أي في سَكَرَاتِهِ ونزعاتِه وشدائده ، وقوله تعالى : { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ } معناه : أنَّ مَلَكَ الموتِ وأعوانَه من ملائكةِ العذاب يَبْسُطُونَ أيدَيهم عليهم بالعذاب ويقولون لَهم : { أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ } أي خلَّصوا أنفسَكم ، ولستُم تقدرون على خلاصٍ . وقيل : معناه فَارَقُوا أرواحكم الخبيثةَ ، كما يقولُ : لأُحْرِقَنَّكَ بالْعَذاب ، لأُخْرِجَنَّ نَفْسَكَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } ؛ أي يقال لَهم يومَ قبضِ الرُّوح ، وقيل : يومَ القيامةِ حين معاينَة العذاب : اليوم تُجْزَوْنَ العذابَ الشَّديد الذي تُهَانُونَ فيه ، { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ } ، بكَذِبكُمْ ، { عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } ، وبما كنتم تَتَعَظَّمُونَ عن الإيْمَان بمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والقُرْآنِ .