Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } ؛ " وذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ الأَيَامَ بَيْنَ نِسَائِهِ وَكَانَ لَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ ، وَكَانَ لِكُلِّ امْرَأةٍ مِنْهُنَّ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، ثُمَّ إنَّ حَفْصَةَ زَارَاتْ أبَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ ذلِكَ الْيَوْمُ لِعَائِشَةَ ، فَدَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلِكَ الْيَوْمَ بَيْتَ حَفْصَةَ فَوَجَدَ فِيْهِ جَاريَتَهُ مَاريَّةُ فَأَخْلاَ بهَا ، فَلَمَّا رَجَعَتْ حَفْصَةُ إلَى مَنْزلِهَا ، وَقَفَتْ حَفْصَةُ عَلَى ذلِكَ الْبَاب فَلَمْ تَدْخُلْ حَتَّى خَرَجَتْ مَاريَّةُ ، ثُمَّ دَخَلَتْ فَقَالَتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : إنِّي قَدْ رَأيْتُ مَنْ كَانَ مَعَكَ فِي الْبَيْتِ ، فَلَمَّا رَأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الْغَيْرَةَ وَالْكَآبَةَ فِي وَجْهِهَا قَالَ : " اكْتُمِي عَلَيَّ ، وَلاَ تُخْبرِي عَائِشَةَ بذلِكَ " ثُمَّ قَالَ : " هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ " يَعْنِي مَاريَّةَ ، فَأَخْبَرَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ وَكَانَتَا مُتَصَافِيَتَيْنِ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَخْبَرَ النَّبيَّ بذلِكَ ، فَدَعَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ وَقَالَ لَهَا : " مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى ذلِكَ ؟ " قَالَتْ : وَمَنِ الَّذِي أخْبَرَكَ ؟ قَالَ : " أخْبَرَنِي الْعَلِيمُ الْخَبيرُ " . فَغَضِبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَفْصَةَ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاعْتَزَلَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ ، فَمَكَثَ سَبْعاً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً يَنْتَظِرُ مَا يَنْزِلُ فِيْهنَّ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هذهِ الآياتِ . ومعناها : يا أيُّها النبيُّ لِمَ تحرِّمُ ما أحَلَّ اللهُ لكَ ، { تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ } ؛ طالباً رضَى أزواجِكَ ، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } ؛ لِمَا كان منكَ من التحريمِ ، { رَّحِيمٌ } ؛ بكَ حيث رخَّصَ لك الخروجَ منه بالكفَّارة ، فأعتقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رقبةً وعادَ إلى ماريَّة " . ورُوي : " أنَّ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا اسْتَأْذنَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي زيَارَةِ أبيهَا فِي يَوْمِهَا ، فَأَذِنَ لَهَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَيْتِهَا ، فَمَضَتْ ، فَأَرْسَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى جَارِيَتِهِ مَاريَّةَ الْقِبْطِيَّةَ فَأَدْخَلَهَا فِي حِضْنِهِ ، وَكَانَ ذلِكَ فِي يَوْمِ حَفْصَةَ ، فَلَمَّا رَجَعَتْ حَفْصَةُ وَجَدَتْ بَابَ بَيْتِهَا مُغْلَقاً ، فَجَلَسَتْ عَلَى الْبَاب حَتَّى خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَجْهُهُ يَقْطُرُ عَرَقاً وحَفْصَةُ تَبْكِي ، فَقَالَ لَهَا : " مَا يُبْكِيكِ ؟ " قَالَتْ : إنَّمَا أذِنْتَ لِي بالزِّيَارَةِ مِنْ أجْلِ هَذا ؛ أدْخَلْتَ أمَتَكَ بَيْتِي وَوََقَعْتَ عَلَيْهَا فِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي ؟ مَا رَأيْتَ لِي حُرْمَةً وَحَقّاً ، مَا قَطُّ صَنَعْتَ هَذا بامْرَأةٍ مِنْ نِسَائِكَ ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " هِيَ جَارِيَتِي فَلاَ أحَلَّهَا اللهُ ، اسْكُتِي هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ ، ألْتَمِسُ بذلِكَ رضَاكِ ، وَلاَ تُخْبرِي بذلِكَ امْرَأةً مِنْهُنَّ ، وَهَذِهِ أمَانَةٌ عِنْدَكِ " . ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَتْ حَفْصَةُ عَلَى الْجِدَار الَّذِي كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَائِشَةَ ، فَقَالَتْ لَهَا : ألاَ أبَشِّرُكِ يَا عَائِشَةُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَرَّمَ جَاريَتَهُ مَاريَّةَ ، وَقَدْ أرَاحَنَا اللهُ مِنْهَا . وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ مُتَصَافِيَتَيْنِ مُتَظَاهِرَِتَيْنِ عَلَى سَائِرِ أزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَخْبَرَهُ بذلِكَ ، فَغَضِبَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَالَ : " مَا حَمَلَكِ عَلَى ذلِكَ " ، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً " . وذهبَ بعضُ المفسِّرين أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ شَرِبَ عِنْدَهَا شَرَابَ عَسَلٍ تُصْلِحُهُ لَهُ ، وَكَانَ يَطُولُ مُكْثُهُ عِنْدَهَا ، فَاجْتَمَعَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ عَلَى أنْ يَقُولاَ لَهُ : إنَّا نَجِدُ مَعَكَ رَائِحَةَ الْمَغَافِيرِ - وَهُوَ صَمْغٌ مُتَغَيِّرُ الرَّائِحَةِ يَقَعُ عَلَى الطَّرَفِ يَأْكُلُهُ النَّحْلُ - فَلَمَّا صَارَ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَالَتْ لَِهُ : إنِّي أشُمُّ معَكَ رَائِحَةَ الْمَغَافِيرِ ، فَحَرَّمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفْسِهِ شُرْبَ الْعَسَلِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذهِ الآيَاتِ . والقولُ الأول أظهرُ ، ولا يمتنعُ أنَّ الأمرَين قد كانَا ، وأنَّ هذا نزلَ فيهما .