Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 8-8)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( التَّوْبَةُ النَّصُوحُ : هِيَ النَّدَمُ بالْقَلْب ، وَالاسْتِغْفَارُ باللِّسَانِ ، وَالإقْلاَعُ بالْبَدَنِ ، وَالإضْمَارُ عَلَى أنْ لا يَعُودَ ) . " وعن معاذِ بن جبلٍ قالَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ ؟ قَالَ : " أنْ يَتُوبَ التَّائِبُ ثُمَّ لاَ يَرْجِعُ فِي ذلِكَ ، كَمَا لاَ يَعُودُ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ " " . قَالَ ابنُ مسعودٍ : ( التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أنْ تُكَفِّرَ كُلَّ سَيِّئَةٍ ) ، وقال أبو ذرٍّ : ( النَّصُوحُ : الصَّادِقَةُ ) أي يتُوبوا توبةً صادقةً ، يقالُ : نَصحتُه أي صدَّقتُه . وَقِيْلَ : النَّصُوحُ المستقيمةُ الُمُتْقَنَةُ التي لا يلحقُها النقصُ والإبطالُ . وقال الفُضيل : ( التَّوْبَةُ النَّصُوحُ : أنْ يَكُونَ الذنْبُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ ، وَلاَ يَزَالُ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ ) ، وقال أبُو بكرٍ الورَّاقُ : ( هُوَ أنْ تَضِيقَ الأَرْضُ عَلَيْكَ بَما رَحُبَتْ ، وَتَضِيقَ عَلَيْكَ نَفْسُكَ كَتَوْبَةِ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ) . وقال الدقَّاقُ : ( هِيَ رَدُّ الْمَظَالِمِ ، وَاسْتِحْلاَلُ الْخُصُومِ ، وَإدْمَانُ الطَّاعَاتِ ) . وقال ذو النُّون : ( عَلاَمَتُهَا ثَلاَثَةُ أشْيَاءٍ : قِلَّةُ الْكَلاَمِ ، وَقِلَّةُ الطَّعَامِ ، وَقِلَّةُ الْمَنَامِ ) . وقال بعضُهم : هي أن يكون لصاحبها دمعٌ مسفوح وقلبٌ من المعاصِي جموحٌ ، فإذا كان كذلك فيه توبةٌ نصوحٌ . وقال فتحُ الْمَوْصِليُّ : ( عَلاَمَتُهَا ثَلاَثَةٌ : مُخَالَفَةُ الْهَوَى ، وَكَثْرَةُ الْبُكَاءِ ، وَمُكَابَدَةُ الْجُوعِ وَالظَّمَأ ) . وقال شقيقُ الْبَلْخِيُّ : ( هِيَ أنْ يُكْثِرَ صَاحِبُهَا لِنَفْسِهِ الْمَلاَمَةَ ، وَلاَ يُقْلِعُ مِنَ النَّدَامَةِ ) . وقال الجنيدُ : ( هِيَ أنْ يَنْسَى مَا سِوَى اللهِ ، وَلاَ يَذْكُرُ إلاَّ اللهَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } ؛ هذا وعدٌ من اللهِ لأنَّ { عَسَىٰ } من الله واجبَةٌ ، والصَّلواتُ الخمسُ كفَّاراتٌ لما بينهنَّ ما اجتُنِبَتِ الكبائرُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ } ؛ أي يُكرِمُ اللهُ تعالى المؤمنين بهذه الكرامةِ في يومٍ لا يسوءُ اللهُ النبيَّ ولا يُخجِلُهُ وَلا يسوء { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } ؛ والمعنى : لا يُدخِلُهم اللهُ النارَ . وقوله : { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ؛ ليدلهم في الجنَّة ، { وَبِأَيْمَانِهِمْ } ؛ يعني نورَ كتابهم الذي يُعطونَهُ بها ، { يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } ؛ أي يقولون ذلك بعدَ ما ذهبَ نورُ المنافقِين ، والمعنى : أتْمِمْ لنا نُورَنا على الصِّراطِ إلى أن ندخلَ الجنة ، { وَٱغْفِرْ لَنَآ } ؛ ما سَلَفَ من ذُنوبنا ، { إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ؛ من إتْمَامِ النور والمغفرة ، فيجيبُ الله دعاءَهم ويفعلُ ذلك لَهم ، فيكون الصِّراطُ على المؤمنين كما بين صنعاءَ والمدينة ، يمشِي عليه بعضُهم مثلَ البرقِ ، وبعضُهم مثلَ الريحِ ، وبعضهم كعَدْو الفرسِ ، وبعضهم يمشِي وبعضهم يزحفُ ، ويكون على الكافرين كحدِّ السيف مذهبه .