Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 12-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } ؛ أي كثير المنعِ للخير ، وكان الوليدُ بن المغيرة بهذه الصِّفة يمنعُ الناسَ من اتِّباع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وكان يمنعُ أهلَهُ وولدَهُ والحميَّة عن الإسلام ، يقالُ : المنَّاعُ للخيرِ البخيلُ الذي هو كثيرُ المنعِ للحقوق الواجبةِ في المال . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } ؛ المعتدِي : هو الغَشُومُ الظلومُ على عبادِ الله ، والأثيمُ : الكذابُ الذي هو كثيرُ الإثمِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } ؛ العُتُلُّ : شديدُ الخصومةِ بالباطلِ . وَقِيْلَ : الشديدُ الحلفِ ، أكُولٌ شَرُوبٌ رحيبُ البطنِ سَرِيحٌ صحيحٌ الْجَسمِ على بطنهِ ، ويُجِيعُ عبدَهُ ويمنعُ رَفْدَهُ ، ومأخوذٌ من العَتْلِ وهو الشدَّةُ في السَّحب . وقِيْلَ : شديدُ الْخُلْقِ وأحسَنُ الْخَلقِ . وَقِيْلَ : هو الجافِي القاسِي اللئيمُ العَسِرُ الضَّجِرُ . وقال الكلبيُّ : ( هُوَ الشَّدِيدُ فِي كُفْرِهِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } أي مع ما وصفناهُ به زَنِيمٌ ، وَقِيْلَ : معناه عُتُلٍّ مع ذلك زَنِيمٍ ، والزَّنِيمُ : الْمُلصَقُ في القومِ وليس منهم ، والزَّنِيمُ هو الدَّعِيُّ ، قال الشاعرُ : @ زَنِيمٌ لَيْسَ يَعْرِفُ مَنْ أبُوهُ بَغِيُّ الأُمِّ ذُو حَسَبٍ لَئِيمِ @@ وعن ابنِ عبَّاس في قوله تعالى { زَنِيمٍ } قالَ : ( يُعْرَفُ بالشَّرِّ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بزَنْمَتِهَا ) . وقال ابنُ عبَّاس : ( مَعْنَى قَوْلِهِ { زَنِيمٍ } أيْ هُوَ مَعَ كُفْرِهِ دَعِيٌّ فِي قُرَيْشٍ لَيْسَ مِنْهُمْ ) . قِيْلَ : إنما ادعاهُ أبوه إلاَّ بعدَ ثمانِي عشرةَ سنةً . وقال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه : ( الزَّنِيمُ الَّذِي لاَ أصْلَ لَهُ ) . قال ابنُ قتيبةَ : ( لاَ نَعْلَمُ أنَّ اللهَ وَصَفَ أحَداً كَمَا ذكَرَهُ ، وَلاَ بَلَغَ مِنْ ذِكْرِ عُيُوبهِ كَمَا بَلَغَ عُيُوبَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، لأنَّهُ وَصَفَهُ بالْحَلْفِ وَالْمَهَانَةِ وَالْعَيْب لِلنَّاسِ وَالْمَشْيِ بالنَّمَائِمِ وَالْبُخْلِ وَالظُّلْمِ وَالإثْمِ وَالْجَفَا وَالدَّعْوَةِ ، فَأَلْحَقَ بهِ عَاراً لاَ يُفَارقُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جَوَّاظٌ وَلاَ جَعْظَرِيٌّ وَلاَ الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ " وَقِيْلَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْجَوَّاظُ ؟ قَالَ : " الَّذِي جَمَعَ وَمِنْعَ تَدْعُوهُ لَظَّى نَزَّاعَةٌ لِلشَّوَى " قِيلَ : وَمَا الْجَعْظَرِيُّ ؟ قَالَ : " الْفَظُّ الغَلِيظُ " قِيلَ : وَمَا الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ ؟ قَالَ : " الشَّدِيدُ الْخَلْقِ الرَّحِيبُ الْبَطْنِ ، ظَلُومٌ لِلنَّاسِ " " . قال صلى الله عليه وسلم : " " تَبْكِي السَّمَاءُ مِنْ رَجُلٍ أصَحَّ اللهُ جِسْمَهُ وَأرْحَبَ جَوْفَهُ وَأعْطَاهُ الدُّنْيَا ، فَكَانَ لِلنَّاسِ ظَلُوماً ، فَذلِكَ الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ " قَالَ : " وَتَبْكِي السَّمَاءُ مِنَ الشَّيْخِ الزَّانِي مَا تَكَادُ الأَرْضُ تُقِلُّهُ " وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ الزِّنَا وَلاَ وَلَدُهُ وَلاَ وَلَدُ وَلَدِهِ ، وَأنَّ أوْلاَدَ الزُّنَاةِ يُحْشَرُونَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازيرِ " . وقال صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَزَالُ أُمَّتِي بخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيْهِمْ وَلَدُ الزِّنَى ، فَإنْ فَشَا فِيْهِمْ وَلَدُ الزِّنَا فَيُوشَكُ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعِقَابٍ " ، وقال عكرمةُ : ( إذا كَثُرَ أوْلاَدُ الزِّنَا قَلَّ الْمَطَرُ ) .