Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 17-18)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } ؛ معناهُ : إنَّا امتَحنَّا أهلَ مكة بالجوعِ والقحط والقتلِ والسَّبي والهزيمةِ يومَ بدرٍ ، كما امتحنَّا أهلَ البُستان ، وأراد به بُستاناً كان باليمنِ يعرَفُ بالقيروان دونَ صَنعاء بفرسخَين ، كان يطئُوه أهلُ الطريقِ ، قد غرسَهُ قومٌ بعدَ عيسى عليه السلام وهم قوم بخلاء ، وَقِيْلَ : من بني إسرائيلَ ، وكانوا مُسلمين باليمنِ ، ورثُوا هذا البستانَ من أبيهم وفيه زرعٌ ونخيل ، وكان أبوهم يجعلُ مما فيه حظّاً للمسلمين عند الحصادِ والصِّرامِ . فلمَّا ماتَ أبوهم ورثوهُ وكانوا ثلاثةً ، قالوا : إنَّ المالَ قليلٌ والعيالَ كثيرٌ ، فلا يسَعُنا أن نفعلَ ما كان يفعلُ أبونا ، وإنما كان أبونا يفعلُ ذلك لأن المالَ كان كثيراً والعيالَ قليلاً ، فعزَمُوا على حِرمان المساكين ، فتحالَفُوا بينهم يوماً ليَغْدُوا غدوةً قبل خروجِ الناس ليَقطَعُوا نَخلَهم إذا أصبَحُوا بسَرِقَةٍ من الليلِ من غير أن يشعُرَ بهم المساكينُ ، { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } ؛ أي ولا يقُولون إنْ شاءَ اللهُ ، وذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا } أي ليقطعُنَّ ثَمرَها { مُصْبِحِينَ } أي عندَ طُلوعِ الفجرِ قبلَ أن يخرُجَ المساكينُ إليه { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } أي ولم يقولوا إنْ شاءَ اللهُ . ورُوي أنَّ أبَاهم كان يأخذُ من هذا البستان قُوتَ سَنَةٍ لنفسهِ ، وكان يتصدَّقُ بما بَقِيَ على المساكين . وَقِيْلَ : إنه كان يتركُ لَهم ما خرجَ من السِّباط الذي كان يسقطُ تحتَ النَّخلة إذا صُرمت ، فقالَ بنوهُ بعدَ موتهِ : نحن جماعةٌ وإنْ فعَلنا ما كان يفعلهُ أبونا ضاقَ عَيشُنا ، فحَلَفوا ليَصْرِمُنَّها مُصبحين لئلاَّ يصِلَ إلى المساكين منها شيءٌ ، وَلاَ يَسْتَثْنُونَ . وإنما شبَّهَ اختبارَ أهلَ مكَّة باختبار أهلِ البستان ؛ لأن أبَا جهلٍ كان قال يومَ بدرٍ قبل التقاءِ الفئتين ، وَاللهِ لَنَأْخُذهُمْ أخْذاً ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ ، فقالَ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ : " اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِينِ يُوسُفَ " ، وكان هذا الدعاءُ قبلَ وقوعِ الهزيمة على الكفَّار ، فابتلاهُم اللهُ بالجوعِ والقحط سبعَ سنين حتى أكَلُوا العظامَ المحرَّقة .